للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

*

[مناقشة الأدلة]

* أما من قال بثلاثة الأشهر فدليله:

أن مختلفة الأقراء التي يتباعد حيضها هي من المرتابات كما تقدم من قول عِكْرِمَة -رحمه الله-، والله عز وجل يقول:

{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: ٤].

ولكن الجمهور يرى أن الريبة هنا ريبة في الحكم لا في الحيض. ففي «سنن البَيْهَقِيّ»: «قال أبي بن كعب: يا رسول الله إن أناسا من أهل المدينة يقولون قد بقي من النساء ما لم يذكر فيه شيء قال: وما هو؟ قال: الصغار والكبار وذوات الحمل قال فنزلت {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}» (١).

ورجح هذا التأويل الطَّبَرِيّ (٢) وقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال


(١) «سُنَن البَيْهَقِيّ الكُبْرَى» كتاب العدد، باب سبب نزول الآية في العدة (٧/ ٤١٤).
(٢) هو: أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطَّبَرِيّ، المؤرخ المفسر الإمام ولد في آمل طبرستان سنة ٢٢٤ هـ واستوطن بغداد، وعرض عليه القضاء فامتنع، والمظالم فأبى، وتوفي بها سنة ٣١٠ هـ، له: أخبار الرسل والملوك وجامع البيان في تفسير القرآن وغيرهما، وهو من ثقات المؤرخين، بل ذكر أنه كان أوثق من نقل التاريخ، وفي تفسيره ما يدل على علم غزير وتحقيق وكان مجتهدًا في أحكام الدين لا يقلد أحدًا، بل قلده بعض الناس وعملوا بأقواله وآرائه. راجع ترجمته في: «طَبَقَات الفُقَهَاء» (١/ ١٠٢)، «وَفَيَات الأعْيَان» (٤/ ١٩١)، «طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الكُبْرَى» (٣/ ١٢٠)، «طَبَقَات الشَّافِعِيَّة» لابن قاضي شُهْبَة (٢/ ١٠٠).

<<  <   >  >>