للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد لخص الخلاف بينهم السَّرَخْسِيّ في «المَبسُوط» حيث قال -رحمه الله-: «قال أبو يوسف -رحمه الله- تعالى إن رأت الكُدْرَة في أول أيامها لم يكن حيضًا، وإن رأت في آخر أيامها يكون حيضًا، قال: لأن الكُدْرَة من كل شيء تتبع صافيه فإذا تقدمه دم أمكن جعل الكُدْرَة حيضًا تبعًا فأما إذا لم يتقدمها دم لو جعلناه حيضًا كان مقصودًا لا تبعًا، وهما أبو حنيفة ومحمد يقولان: ما يكون حيضًا إذا رأته المرأة في آخر أيامها يكون حيضًا إذا رأته في أول أيامها كالسواد والحمرة؛ لأن جميع مدة الحيض في حكم وقت واحد، وما قاله أبو يوسف -رحمه الله- تعالى فيما إذا كان النقب من أعلى الظرف، فأما إذا كان النقب من أسفله فالكُدْرَة يسبق خروجها الصافي، وهذا النقب من أسفل فجعلنا الكُدْرَة حيضًا وإن رأته ابتداءً» (١).

ومع تخيل ما يحصل من سقوط جدار الرحم في أيام الحيض، فإن قول أبي يوسف هو الأقوى لأن الكُدْرَة بعد الحيض قد تكون من آثاره وبقاياه، أما قبله فهي من إفرازات الرحم.

والحق أن أدلة الفريقين الثالث والرابع هي الأقوى وفيها جمع حسن بين الآثار.

• رأي الطب وأثره على الترجيح:

أما من جهة الطب (٢)، فإن الإفرازات الخارجة من الرحم والمَهْبِل كثيرة، وقد تزيد وتنقص تبعًا لعوامل عديدة منها: الاضطرابات الهرمونية والنفسية، ووجود أجسام غريبة داخل الرحم ... إلخ.


(١) «المَبسُوط» للسَّرَخْسِيِّ (٣/ ١٥٢).
(٢) راجع: «الإفرازات الطبيعية عند المرأة بين الطهارة والنجاسة» للدكتورة فاطمة عمر نصيف (ص ٦).

<<  <   >  >>