للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحياة والموت بين الفقه والطب]

أولاً: في الفقه:

الحياة:

قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥].

إنه وإن اختلف العلماء في الروح المسؤول عنها، فذهب بعضهم إلى أنها الملك المُوَكَّل بالوحي، وذهب الجمهور إلى أنها روح الإنسان، فإن الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن روح الإنسان يعجِز البشر بكل علومهم أن يدركوا كُنْهها وإن أدركوا بعض خصائصها.

إن هذا ليس كلامنا وحدنا، معاشر المسلمين، بل هو مما اتفق عيه العقلاء، بل كتب أحد الغربيين (١) كتابًا سماه «الإنسان ذلك المجهول»، وقال فيه: «إن علوم التشريح والفسيوليوجيا والكيمياء والنفس والاجتماع وغيرها من العلوم لم تعطنا نتائج قطعية في ميادينها عن ماهية الإنسان. وإن الإنسان الذي يعرفه العلماء ليس إلا إنسانًا بعيدًا جدًا عن الإنسان الحقيقي فالإنسان كائن مجهول لنفسه، وسيظل جهلنا به إلى الأبد» (٢).

وذاك الإنسان الذي يصفه الدكتور الكسيس بالمجهول ليس بالطبع ذلك البدن الذي استطاع الطب بالفعل أن يحل الكثير من رموزه ويكشف الكثير من أسراره، ولكنه ذاك المزيج بين البدن والروح.

ولكنَّ هذا الذي ذكرنا لا يمنع من التعرف على بعض خصائص الروح الإنسانية،


(١) هو الدكتور الكسيس كاريل.
(٢) «الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها في المفهوم الإسلامي» (ص ٣٦٣).

<<  <   >  >>