اختلف الفقهاء في الرجلين يطآن امرأة في طهر، كشريكين في أمة، أو ناكحي شبهة، أو زانيين ثم يدعيان الولد، فذهب البعض إلى إشراكهما في الولد، ومنع من ذلك آخرون.
والحق أن الخلاف الفقهي بين المتقدمين بالذات لم يكن حول إمكان خلق الولد من ماءي الرجلين بقدر ما هو خلاف حول التصرف في هذه المعضلة التي لا حل لها في زمانهم.
أقول ذلك مطمئنًا لأنه، وإن أثار بعض العلماء قضية الخلق من ماءين، فإنه - كما سأبين لاحقًا - لم يكن هذا الأمر سبب الخلاف الأهم، ولم يعره الكثير من الفقهاء النظر، فسواءُ كان ذلك ممكنًا أو ممتنعًا، فالقضية تبقى كما هي. ماذا نصنع بهذا الولد الذي ادعاه رجلان، وليس لأحدهما بينة على دعواه فوق الآخر، وليس لأحدهما مزية على الآخر؟
وتطور المعلومات الطبية أفاد في أمرين يتعلقان بهذا الموضوع هما:
١ - ليس يمكن أن يخلق جنين واحد من ماءي رجلين.
٢ - يمكن عن طريق البصمة الوراثية تحديد صاحب الولد.
ونحن سنعرض خلاف الفقهاء وأسبابه في المطلب الأول من هذا المبحث ثم رأي الطب في هذه القضية في المطلب الثاني وفيه نبين أثر تطور المعارف والصناعة الطبية على هذا الخلاف.