جنينها، والجواب أن الجمهور قالوا بخلافه. وبمنع بعضهم من شق بطنه لاستخراج ماله أو مال غيره الذي أذن له بابتلاعه، والجواب أن مصلحة حفظ المال ليست كمصلحة حفظ الأرواح وأن المال لو كان كثيرًا فالأرجح شق بطنه لاستخراجه كما سنبين.
٦ - واستدلوا من المعقول بأن الشريعة الإسلامية حضت على إكرام الميت بتغسيله وتطييبه وتكفينه ودفنه، وفي التشريح من تأخير أو تجاوز ذلك ما لا يتفق مع مراد الشارع.
* أدلة المبيحين:
أما المبيحون فقد استدلوا:
١ - بالمتقرر في علم الأصول وفي القواعد الفقهية من أن الضرورات تبيح المحظورات.
٢ - دفع الضرر الناشئ عن إهمال تعلم التشريح وتخلف علم الجراحة عند المسلمين وكذلك ضياع الحقوق عند ترك التشريح للتحقيق الجنائي.
وقد يجاب على ذلك بأن الضرر لا يزال بالضرر، والجواب على هذا الاعتراض بأن الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف والعام بالخاص. ونحن هنا أمام مفسدتين: الأولى: ترك علم التشريح بما يعنيه ذلك من تخلف في علوم الطب المؤسسة على علم التشريح سيما الجراحة الطبية، وهذا بدوره يؤدي إلى فساد في الأنفس والأبدان، فإنه لا يخفى ما حققه التقدم في علم الجراحة من نفع للبشرية وإنقاذ لأرواح كثير من المرضى بإذن الله تعالى.
والمفسدة الثانية هي: تشريح جثث الموتى بما فيه من انتهاك حرمتهم وإيذاء أهلهم، ولقد رأى المبيحون أن هذه المفسدة دون المفسدة الأولى.