للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عبد البر في «الاسْتِذْكَار»: «ولعل ابن الزبير لم يخف من المنَقِّلة التي أقاد منها ولا من المأمومة تلفًا ولا موتًا فأقاد منهما على عموم قول الله تعالى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥]» (١).

فإن ثبتت هذه الروايات عن ابن الزبير (٢) فلا حجة في فعله مع إنكار الناس عليه -رضي الله عنه-.

ووجه عدم الاستيفاء فيما فوق الموضحة ظاهر في أزمنتهم للخطر وعدم أمان الحيف البالغ والسِّراية التي قد تؤدي إلى هلاك النفس.

[ما فوق الموضحة في البدن]

أما ما فوق الموضحة في البدن، فإن المالكية يرون استيفاء القِصاص فيها. قال الخَرَشِيّ -رحمه الله-: «فالمنقلة الكائنة في الرأس لا قصاص فيها وأما المنقلة في الجسد فقد مر أنه يقتص منها» (٣).

والجمهور على منع القِصاص في البدن والرأس (٤).

أما ما دون الموضحة من الشجاج والجراح، فقد اختلفوا في وجوب القِصاص فيها:

فذهب الجمهور إلى عدم وجوب ذلك وهم الحنفية - على خلاف عندهم - والشافعية - على خلاف عندهم فيما فوق ودون الموضحة (٥) - والحنابلة (٦).


(١) «الاسْتِذْكَار الجَامِع لمَذاهِب فُقَهاء الأمْصَار» لابن عبد البَرّ (٨/ ١٠٠).
(٢) قال ابن قُدامة: «فأما ما فوق الموضحة فلا نعلم أحدًا أوجَبَ فيها القصاص إلا ما روي عن ابن الزبير أنه أقاد من المنقِّلة وليس بثابت عنه». «المُغْنِي» (٨/ ٢٥٦).
(٣) «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (٨/ ١٦).
(٤) «تَبْيين الحَقَائق» للزَّيْلَعِيّ (٦/ ١٣٢)، «حاشيتا قَلْيُوبِيّ وعَمِيرة» (٤/ ١١٤)، «المُغْنِي» لابن قُدامة (٨/ ٢٥١ - ٢٥٣).
(٥) «حاشيتا قَلْيُوبِيّ وعَمِيرة» (٤/ ١١٤).
(٦) «كشَّاف القِنَاع» للبُهُوتِيِّ (٥/ ٥٥٢).

<<  <   >  >>