للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن وافقه من المالكية (١)، على أن البلوغ بالسن يكون بتمام خمس عشرة سنة للذكر والأنثى لخبر ابن عمر: «عُرِضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يُجِزني، ولم يَرَني بلَغْت، وعُرِضت عليه يومَ الخَندَقِ وأنا ابن خمسَ عشرةَ سنةً فأجازني، ورآني بَلَغْت» (٢).

والمالكية يرونه عند تمام ثماني عشرة سنة، وهناك خمسة أقوال في المذهب ... (٣).

وأبو حنيفة يرى أن البلوغ بالسن للغلام يكون عند ثماني عشرة سنة، والجارية سبع عشرة، لقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: ١٥٢] قال ابن عباس -رضي الله عنه-: الأشد ثماني عشرة سنة. وهي أقل ما قيل فيه، فأخذ به احتياطًا، قال: هذا أشد الصبي، والأنثى أسرع بلوغًا فنقصت سنة (٤).

• التوفيق بين أقوال الفقهاء والمعرفة الطبية:

بالنسبة للبلوغ الحكمي، لعل تحديد أعلاه بسن الخامسة عشرة - وهو قول الجمهور - الأولى بالصواب من جهة المنقول كما جاء في خبر ابن عمر، والمعقول أيضًا، وذلك أنه ببلوغ سن الخامسة العشرة يكون الأغلب الأعم من الأطفال قد بلغوا، ولا عبرة بالنادر، مع الأخذ في الاعتبار أنه من لم تظهر عليه آثار البلوغ، ممن بلغ الخامسة عشرة، فإنه يكون معه من الإدراك ما يجعلنا نجري عليه أحكام البالغين والله تعالى أعلم.


(١) «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (٥/ ٢٩١)، «مَوَاهِب الجَلِيل» للحَطَّاب (٥/ ٥٩).
(٢) «صَحِيح البُخَارِيّ» كتاب الشهادات، باب بلوغ الصبيان وشهادتهم وقول الله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} (٢/ ٩٤٧).
(٣) «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (٥/ ٢٩١)، «مَوَاهِب الجَلِيل» للحَطَّاب (٥/ ٥٩). والأقوال ١٥ و ١٦ و ١٧ و ١٨ و ١٩. والأول الموافق للجمهور اختيار ابن وَهْب.
(٤) «فَتْح القَدِير» لابن الهُمَام (٩/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>