للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• الترجيح والتوصيات:

الذي ينبغي التأكيد عليه هو أن أكثر العلماء متفقون على جواز رفع أجهزة الإنعاش عمن مات دماغه، وبذلك صدر قرار المجمعين الفقهيين التابعين للمنظمة والرابطة وندوة الحياة الإنسانية، وهو الحق والصواب لأن التداوي ليس كله واجبا ولكن تعتريه الأحكام الخمسة ولا يكون واجبًا إلا عندما يعلم أنه يكون به بقاء النفس أو العضو أو دفع ضرر غير موهوم عن المريض أو المجتمع، وأن ذلك يتحصل بدواء مأمون ولا يكون بغيره.

قال الإمام ابن تَيمِيَّة -رحمه الله-: «التحقيق أن من التداوي ما هو محرم، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو مستحب، ومنه ما هو واجب: وهو ما يُعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره، ليس التداوي بضرورة بخلاف أكل الميتة» (١).

ولا ريب في هذه الحالة من عدم الفائدة في التداوي وقد يكون فقط من قبيل إطالة معاناة أهل المريض أو الميت.

وكذلك فإن الراجح هو جواز نقل الأعضاء من مهدور الدم بُعَيد إعدامه وقبل وقوف خفقان قلبه. جاء في تُحْفَة المُحْتاج: «(وله) أي المعصوم بل عليه (أكل آدميٍّ ميتٍ) محترم إذا لم يجد ميتة غيره ولو مغلظة ... (و) له بل عليه (قتلُ) مُهدَرٍ (نحو مرتد وحربي) وزانٍ محصنٍ ومحاربٍ وتاركِ صلاةٍ بشرطه ومن له عليه قوَدٌ من غير إذن الإمام للضرورة» (٢).

فإن كان له بل عليه قتله لأكله، فلا جرم يكون نقل أعضائه للمعصوم جائزًا.


(١) «الفَتَاوَى الكُبْرَى» لابن تَيمِيَّة (١٨/ ١٣)، انظر كذلك (٢٤/ ٣٥٧).
(٢) «تُحْفَة المُحْتاج» للهَيتَمِيّ (٩/ ٣٣٩). وما بين الأقواس من كلام صاحب «مِنْهَاج الطَّالِبِين» الإمام النَّوَوِيّ.

<<  <   >  >>