للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: حكم الإجهاض في الفقه الإسلامي]

لا شك أن الشريعة الإسلامية قد راعت حرمة الجنين في بطن أمه، فمنعت من إقامة الحد على المرأة الحامل المستحقة له من أجله، وأجازت لها الإفطار في رمضان رعاية لمصلحته، وأوجبت الكفارة - وهي غرة أو نصف عشر الدِّيَة - على من ضرب الحامل فأسقطت جنينها وإن كان أبا الجنين، بل وعلى الأم إن تعمدت إسقاطه؛ ولو وضعته حيًّا ثم مات من الضربة لوجبت الكفارة كاملة (١). بل ذهب ابن حَزْم -رحمه الله- إلى أن من تعمد قتل الجنين بعد نفخ الروح (٢) فيه فإن عليه القود.

وأنت كذلك تجد الشريعة تجعل للجنين أهلية وجوب ناقصة، فتحجز له ميراث ولدين حتى يتبين عدد الحمل وجنسه بعد الولادة وتجيز له الهبة والوصية ... الخ.

وأكثر الأحكام المتعلقة بالجنين لا ترتبط بعمره أو بنفخ الروح فيه، ولكن بعضها يعتمد على التفريق بين أطواره المختلفة، كالإجهاض والجناية على الجنين وبعض أحكام العتق والدفن وغيرها.

أما موضوع هذا المبحث وهو الإجهاض فالخلاف فيه كثير، وملخصه أنهم أجمعوا على حرمته بعد نفخ الروح (٣) والتي تتفق كلمتهم على أنها تنفخ بعد المائة والعشرين يومًا ثم اختلفوا فيما دون ذلك على ثلاثة أقوال:

١ - يحرم الإجهاض في جميع الأطوار وهو قول المالكية والظاهرية وبعض الحنفية والشافعية والحنابلة.


(١) «المُغْنِي» لابن قُدامة (٨/ ٣٢٣) ونقل حكاية الإجماع عن ابن المُنذِر.
(٢) وذلك في رأيه بعد تجاوز المائة وعشرين يومًا.
(٣) «الشَّرْح الكَبِير» للدَّرْدِير (٢/ ٢٦٦).

<<  <   >  >>