للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ثانيًا: في الطب:

إن العلوم الغربية الحديثة لا تتعرض إلى ما بعد المادة، فهي لا تبحث في الروح وذلك أن الروح لا تُشاهَد ولا تُسمَع أو تُشَم، وليس لها طول أو عرض أو عمق ... إلخ؛ وإن كان العاقل يؤمن بالشيء بإدراك آثاره. ولكن الطب الحديث معني بالبدن، فمناقشة الحياة والموت من هذه الجهة هي مناقشة عن البدن وأعراضه.

إن الناس كانوا يستدلون على الموت قبل تطور العلوم الطبية بعلامات ظاهرة كما سبق ثم صار لنبض القلب أهمية كبرى بعد اختراع السماعة الطبية حتى استقر رأي الأطباء على أن الموت هو توقف التنفس والدورة الدموية توقفًا لا رجعة فيه، وأكثرهم يحاولون إنعاش من توقف قلبه لمدة تتراوح بين الخمس عشرة والثلاثين دقيقة ثم يعلنون موته.

ولكن مع تطور العلوم الطبية كما سبق، ووجود تلك الحالات التي يثبت فيها موت جذع الدِّمَاغ والمريض على المُنَفِّسَة، ينبض قلبه بتأثيرها، بدأ الأطباء في البحث فيما إذا كان موت جذع الدِّمَاغ موتًا نهائيًّا لا رجعة فيه ولا بصيص أملٍ معه في عودة الإنسان إلى الحياة أم لا؟ وبعد جُهد جهيد ودراسات طويلة اتفق رأيهم على كونه موتًا لا رجعة فيه، وأنه يستحيل لمن مات جذعُ دماغه أن يعود للحياة فينبض قلبه تلقائيًّا ويتنفس (١).

إن موت الدِّمَاغ صار عند الأطباء المعيار الأدق للموت، بل إن موت القلب صار يفتقر إلى موت الدِّمَاغ ليتأكد الأطباء من حصول الموت الذي لا رجعة فيه، ولكنَّ هذا


(١) انظر (ص ٢٥٣)، وانظر: «الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها في المفهوم الإسلامي» بحث الدكتور عصام الشربيني، مستشار الأمراض الباطنية بمستشفى الصباح بالكويت (ص ٣٥٦)، وانظر: Brain Death and Withdrawal of Support Surgical Clinics of North America [Journal] /auth.Maxim D.Hammer MDa، David Crippen، MDb.

<<  <   >  >>