بعد تأكيدنا على وجوب التداوي في الأحوال التي ذكرنا، لزم بيان أنه ليس واجبًا على الإطلاق.
بل يكون التداوي أحيانًا مباحًا إذا كان المرض مما يصبر عليه، ولا يسبب ضررًا مزمنًا أو ضررًا للغير، أو كان في الدواء ضرر يساوي ضرر المرض أو يقاربه.
وربما تكون هناك حالات خاصة جدًّا يكون الصبر فيها على المرض خيرًا من التداوي، كما لو كان الدواء عالي الخطورة، مع ضعف الظن بحصول النفع منه، وارتفاع تكلفته مما قد يؤدي إلى الغُرم وضياع الأولاد، ومن ذلك تلك الحالات التي لا يرجى شفاؤها وتمتعها بحياة مستقرة، وقد يبقى المريض شهورًا طويلة يعتمد على المُنَفِّسَة، مما يترتب عليه الضرر الواسع له ولأسرته.
وفي كل هذه الحالات وغيرها يبقى للمسلمين فسحة (١) في ترك التداوي ويستدل هنا بما سبق مناقشته من ترك الصحابة للتداوي وغير ذلك مما استدل به على عدم وجوبه.
(١) بخلاف أهل أديان أخرى كبعض مذاهب النصارى ممن يتعنتون بهذا الصدد تعنتًا شديدًا يوقع المرضى وأسرهم بل والمجتمع في الحرج.