هنا ينبغي أن نؤكد على أن تغيير الفتوى لا يقوم به إلا الراسخون من أهل العلم، فهم أهل الفهم والإدراك، وليست الفتوى كلأ مباحًا للمختص وغيره؛ فإن بعض أصحاب الأقلام قد يتجرؤون على هذا الحِمى فيلغون فيه، فتسمع من بعضهم أن المرأة لا تحتاج أن تعتد من زوجها، وذلك لأن استبراء رحمها بالتحاليل الطبية صار ممكنًا. وهذا قول من لا أثارة له في العلم ولا نصيب، فإن هؤلاء قد ظنوا أن كل الغرض من الاعتداد هو استبراء الرحم، وغابت عنهم أشياء أخرى. ولو كان الأمر كذلك لما فُرِّق بين عدة الأمة والحرة والمطلقة والمتوفى عنها زوجها.
أو لم يقل الله تعالى في صدر سورة الطلاق:{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}[الطلاق: ١] أوليس في العدة فرصة ليراجع الزوجان قرارهما ويثوبا إلى رشدهما إن كان القرار قد اتخذ عن طيش وتسرع؟
إن مقام الفتوى لمقام شريف، وإن الحكم بتغيرها بتغير الحال لهو من أرفع منازل هذا المقام. وإنني، إذ أَختار وأُرجِّح في بحثي هذا، لست أزعم أني من أصحاب هذا الشرف، ولكن لا بد للباحث من رأي، وليس رأيي فتوىً مني لنفسي أو غيري، حتى يكون الأخذ عن الراسخين في العلم، أو المجامع الفقهية في كبريات المسائل التي تحتاج إلى الاجتهاد الجماعي.
وإني لأرجو أن يتبين للقارئ مقصودي من تغير الفتاوى من خلال مطالعته لبقية البحث.