لعل الأقوى هو قول من قال تعتد بسنة، إذ الاعتداد بأربع سنين لاستبراء الرحم لا أصل له من شرع ولا نظر صحيح، فالحمل لا يمكن أن يستمر أربع سنين وغالبه تسعة أشهر، واحتاطوا له بثلاثة أشهر تعتد فيها بعد التأكد من براءة رحمها.
أما القول باعتدادها بالأقراء مهما طال الزمان حتى تيأس أو تتم ثلاثة الأقراء ففيه ما فيه من المشقة، والله يريد بعباده اليسر وما جعل عليهم في الدين من حرج، وهل من حرج أعظم من أن تحبس مسلمة عن الزواج، وربما لا يكون لها عائل، وتبقى كذلك عشرين أو ثلاثين سنة أو فوق ذلك حتى تكون آيسة. هل جاء حكم كهذا عن صاحب الوحي بل هل حكم به صحابي واحد على امرأة بعينها؟
ولا يخفى أن من قال باعتدادها بثلاثة الأشهر كطاووس وعِكْرِمَة - رحمهم الله- له وجه قوي إلا أن ترتاب في كونها حاملا، فيجب عندئذٍ اعتدادها حتى تستبين براءة رحمها.
ولعل هذا القول هو الأرفق بالنساء ولا يخالف نصًّا صريحًا بل وجهه أصحابه بأن انقطاع الحيض لغير حمل ريبة، فتدخل هذه المرتابة في آية سورة الطلاق. وهذا القول الأخير هو الأقرب للصواب ولمقصود الشارع في زماننا، إذ أن العلة من إطالة العدة غلى سنة كانت استبراء الرحم وهذا ميسور بالتحاليل الطبية، ويبقى أن تعتد المرأة ثلاثة الأشهر وذلك لأن للعدة من الحكم والفوائد ما قد تقرر وليس استبراء الرحم إلا أحدها.