إن التغير في العلوم الطبية كان بطيئًا حتى بدايات القرن العشرين الميلادي، حيث بدأ تطور العلوم والمعارف الطبية تتسارع خطاه، إلى أن وصلت تلك العلوم إلى مرحلة الازدهار الحالية. وإن فقهاءنا المتقدمين - رحمهم الله - لم يكن تحت تصرفهم من العلوم الطبية ما هو عندنا، لذلك فقد اختلفت فتاواهم بشأن العديد من الأحكام الفقهية المتعلقة بالطب ومعارفه، كتحديد أدنى الحمل وأقصاه ونوع الخنثى والمنافذ للجَوْف وغير ذلك من المسائل. وكان من أهم أسباب اختلافهم اضطراب أطباء أزمنتهم بشأن هذه الأمور.
أما الآن، فإن الكثير من المعارف والممارسات الطبية صار مبناها على التجربة واليقين، لا الظن والتخمين، ومن ثَمَّ فقد صارت مراجعة هذه الأقوال الفقهية المبثوثةِ في كتب الفقهِ، والتي تتعلقُ بالطب وعلومه، مما تدعو إليه الحاجة.
إن مراجعة وتصحيح الآراء الفقهية المنبنية على معارف طبية قديمة منقوصة أمر مهم لنا في تعبدنا لربنا، وتحاكمنا لشريعتنا؛ وكذلك فهو مهم للتأكيد على عصمة الوحي وبيان أن ما كان من خطأ في بعض هذه الآراء لم يكن أبدًا ناتجًا عن خطأ في أحد مصدريه، كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.