إننا لو تأكدنا من براءة رحمها بالوسائل الطبية الحديثة وأمرناها أن تعتد الأشهر الثلاثة كالصغيرة والآيسة لكنا على طريق هؤلاء السلف وسنتهم، ولما كان في ذلك تبديل للدين أو تحريف - في تقديري - والله أعلى وأعلم.
إن هذا القول ليس خروجًا على الإجماع، فإن من السلف من خالف في أصل كل المسائل التي نقل عليها الإجماع، حتى صاحبة العادة التي تأتيها أقراؤها مرة في السنة.
• فعن سعيد بن المُسَيَّب قال: إذا كانت في الأشهر مرة - يعني الحيض - فعدتها سنة.
• وعن جابر بن زيد قال: إذا كانت تحيض في كل سنة مرة يكفيها ثلاثة أشهر (١)
وأما مختلفة الأقراء، فالخلاف فيها أكثر.
• فعن طاوس قال: إذا كانت تحيض حيضا مختلفا أجزأ عنها أن تعتد ثلاثة أشهر.
وعن عِكْرِمَة قال: إذا كانت تحيض حيضا مختلفا فإنها ريبة عدتها ثلاثة أشهر، قال قَتَادَة: تعتد المستحاضة ثلاثة أشهر (١).
وقد يتمكن الطب الحديث من إعطاء المرأة دواءً لتستعيد حيضها، وعندها لا يجري هنا الخلاف فيمن شربت دواءً لتعجيل حيضها، فإن هذه إنما شربت الدواء للعلاج لا لتعجيل الحيض. فالأولى أرادت معاندة مقصود الشارع وأن تضيق حق الرجعة على الزوج، والثانية أرادت علاج نفسها من مرض عَرَض لها.
ملحوظة: في حالة عدم توافر الأكْفَاء من الأطباء، فإن القول الأقوى هو السنة (٩+٣) والله أعلم.