إن للاعتداد حِكمًا عظيمة، ذكرها - أو بعضها - الإمام ابن القَيِّم فقال:
« ... ففي شرع العدة عدة حكم: منها العلم ببراءة الرحم، وأن لا يجتمع ماء الواطئين فأكثر في رحم واحد، فتختلط الأنساب وتفسد وفي ذلك من الفساد ما تمنعه الشريعة والحكمة. ومنها تعظيم خطر هذا العقد، ورفع قدره، وإظهار شرفه. ومنها تطويل زمان الرجعة للمطلق؛ إذ لعله أن يندم ويفيء فيصادف زمنا يتمكن فيه من الرجعة. ومنها قضاء حق الزوج، وإظهار تأثير فقده في المنع من التزين والتجمل، ولذلك شرع الإحداد عليه أكثر من الإحداد على الوالد والولد. ومنها الاحتياط لحق الزوج، ومصلحة الزوجة، وحق الولد، والقيام بحق الله الذي أوجبه؛ ففي العدة أربعة حقوق، وقد أقام الشارع الموت مقام الدخول في استيفاء المعقود عليه؛ فإن النكاح مدته العمر، ولهذا أقيم مقام الدخول في تكميل الصداق، وفي تحريم الربيبة عند جماعة من الصحابة ومن بعدهم كما هو مذهب زيد بن ثابت وأحمد في إحدى الروايتين عنه؛ فليس المقصود من العدة مجرد براءة الرحم، بل ذلك من بعض مقاصدها وحكمها»(١).
وبخلاف من تمسك بأن التي انقطع حيضها تعتد بالأقراء مهما طال الزمن - على ما في هذا القول من المشقة والحرج - فإن باقي أهل العلم كالمالكية والحنابلة وقديم الشافعية وهو اختيار ابن تَيمِيَّة يطيلون في عدتها استبراءً لرحمها ولذلك اجتمع للشافعي في القديم ١ - ستة أشهر ثم ثلاثة و ٢ - تسعة أشهر ثم ثلاثة و ٣ - أربع سنين ثم ثلاثة أشهر. فالستة أقل الحمل والتسعة غالبه والأربع سنين أكثره عنده -رحمه الله- ومن أجل ذلك أمرها عمر وابن عباس -رضي الله عنهما- بالتربص تسعة أشهر.