للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تحديد النسب عن طريق الحمض الأميني (البصمة الوراثية)]

البصمة فوت ما بين الخنصر والبنصر، وجعلها مجمع اللغة العربية اسمًا لأثر الختم بالإصبع (١). ولما ظهرت تحليلات الأحماض الأمينية التي تسمى بالمورثات كمحقق للهُوِيَّة أدق من غيره سميت تلك المورثات بالبصمة الوراثية. ونحن سنستعمل اختصارًا اسم البصمة بدل تحليل البصمة.

وهناك جدل واسع حول قضية استعمال البصمة الوراثية كدليل في إثبات النسب. وهذه القضية واحدة من القضايا المتعلقة بالقضاء والفتيا، والتي أثر تطور الصناعة الطبية فيها بشكل بالغ. إن إثبات النسب لم يكن أبدًا ممكنًا عن طريق العلوم الطبيعية (٢) إلى زمن قريب. ومن ثم، كان إثبات ونفي النسب لا تعلق له بهذه العلوم ولا تعلق لها به، إلا ما كان من القيافة وهي من نوع العلوم الطبيعية، ولكنها غير منضبطة وقائمة على الظن المناسب للاستعمال في الترجيح فقط. أما البصمة الوراثية، والتي ظهرت في الآونة الأخيرة، فإنها معيرة منضبطة، وغلبة الظن فيها، عند تطبيق معايير صارمة، قريبة جدًا من اليقين إن لم تكنه. فهل تضاف هذه الوسيلة إلى وسائل إثبات النسب في الشريعة، وهل تكون دليلا أم قرينة قوية؟ فإن لم يتم اعتبارها دليلا أو قرينة يحكم على أساسها بثبوت النسب، فهل يستفيد منها القضاء الإسلامي في أي من أحكامه؟

وأنا هنا أبحث هذه القضية بغية الوصول إلى الحكم الشرعي الصحيح بشأنها.


(١) «المُعْجَم الوَسِيط» (ص ٦٠).
(٢) العلوم: طبيعية كالفيزياء والطب، وتجريدية كالرياضيات، وإنسانية كالفلسفة والتاريخ. الدين يُصنَّف من العلوم الإنسانية، والوحي - عندنا نحن المسلمين - من العلوم الخبرية المتلقاة عن الله تعالى، وإن شارك العلوم الإنسانية من حيث كون إسعاد البشر أحد مقاصده.

<<  <   >  >>