للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلاج بالجراحة، أم بالهرمونات؛ لأن هذا مرض، والعلاج يقصد به الشفاء منه، وليس تغييرا لخلق الله عز وجل. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسلميًا كثيرا والحمد لله رب العالمين».

[عند عدم وجود الأطباء الأكفاء]

الإسلام دين الفطرة وهو صالح لكل زمان ومكان، وهذه عظمته. وإن وجود الأطباء الأكفاء القادرين على تحديد الجنس بطريقة دقيقة والعلاج، ومنه الجراحي أحيانًا، أمر لا يتيسر في كل زمان ومكان، حتى إنه في زماننا هذا ربما لا يتيسر ذلك في الأصقاع النائية عن الحواضر الكبيرة، وفي أواسط أفريقيا وغيرها من البلدان الفقيرة جدًّا.

فينبغي أن تكون ثمة طرق لتحديد جنس المولود من غير حاجة إلى الأطباء؛ لأن الأحكام لابد من جريانها في كل الأحوال. ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» (١). يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين. ومقصوده -صلى الله عليه وسلم- أننا لا نعتمد في جريان أحكام ديننا على الكتابة والحساب بل الدين ميسر لكل أحد، كاتب وغير كاتب، حاسب وغير حاسب.

وهذا لا يعني عدم الاستفادة بالعلوم في زيادة الدقة في الأحكام حيث توفرت فإن قال قائل: الحديث الذي ذكرت يفيد غير هذا، فإن الفقهاء - إلا قليلًا - لا يعتدون بالحساب في صيام رمضان قلت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «صُومُوا لرُؤْيَتِه» فجعل سبب وجوب الصيام رؤية الهلال لا دخول الوقت، كما هو الحال في الصلاة التي جرى العمل فيها على الحساب لها؛ لأنها تجب عند دخول الوقت، ولم يحدد النبي -صلى الله عليه وسلم- طريقة معينة لمعرفة ذلك ويربط الوجوب بها. وفي حالتنا هذه، الأمر فيها أوضح وأظهر؛ فإنه لم يأت أي نص من نصوص الوحي في تعيين طريقة تحديد الجنس والله تعالى أعلم.


(١) «صَحِيح البُخَارِيّ» كتاب الصوم، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا نكتب ولا نحسب (٢/ ٦٧٥).

<<  <   >  >>