للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المناقشة والترجيح:

لعل أكثر الأقوال مبناها على الوجود وحكاية الواقع ومن ثم كثرة الاختلاف، ولكن هناك من الأقوال ما استدِل عليه بآثار أو حكاية إجماع أو نظر.

* دليل من قال بالسبعة عشر:

استدل ابن حَزْم -رحمه الله- على أن أكثره سبعة عشر يومًا بأن النفاس إنما هو والحيض شيء واحد وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة: «لعلك نُفِسْتِ» (١)، يريد الحيض.

ولما كان الإمام ابن حَزْم -رحمه الله- يزعم الإجماع على أن الحيض لا يتجاوز السبعة عشر يوما، فكذلك هنا.

والجواب أن استعمال لفظ النفاس مع إرادة الحيض ليس دليلا على أن النفاس الذي يكون عقيب الولادة هو عين الحيض، وإنما سمي النفاس نفاسا لتنفس الرحم وهو كائن في الحيض كذلك. والواقع يأبى أن يكون الاثنان شيئا واحدا وما أكثر حكاية الناس عن النفاس الذي يتمادى إلى الأربعين وما بعدها، والطب يأبى أن يكون الحيض والنفاس شيئًا واحدًا وإن اشتركا في صفة الدم.

* لا دليل لمن فرق بين الغلام والجارية:

أما حكاية الأوزاعِيّ -رحمه الله- عن بعض أهل دمشق أن النفاس من الغلام ثلاثون ومن الجارية أربعون فلا أصل له أعلمه في كتاب ولا سنة ولا قول صحابي ولا مذهب تابعي ولم يقل به - فيما أعلم - أحد غيره -رحمه الله- يعتبر قوله من أهل الملة المحمدية، ولعله مما تسرب إلى بعض الناس من كلام أهل الكتاب، فإن المرأة في العهد القديم تنفس من البنت ضعف نفاسها من الولد (٢).


(١) البُخَارِي، كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك ... (١/ ١١٧)، «صَحِيح مُسْلِم» كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام (٢/ ٨٧٣).
(٢) سفر اللاويين الإصحاح الثاني عشر (١ - ٥).

<<  <   >  >>