للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• مناقشة الأدلة والترجيح:

* أولاً: أدلة من اعتبر موت الدِّمَاغ موتًا للإنسان:

استدل هذا الفريق، ويُستدَل له، بما يأتي:

١ - عدم ورود النص في تحديد أمارات الموت وترك الأمر لأهل الخبرة والاختصاص مما جعل علامات الموت تتفاوت في كتب الفقهاء (١)، وهو حق فإن الوحي لم يأت ببيان في ذلك إلا قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الرُّوح إذا قُبِض تَبِعَه البَصَرُ» (٢).

وقد يجاب بأن حركة الصدر ونبض القلب من العلامات الظاهرة عند الناس، ولما كانتا كذلك فلا يمكن الحكم على موته مع بقائهما، ويجاب على تلك الإجابة بأن حركة الصدر ليست تِلقائية ولكن بفعل المُنَفِّسَة ولو توقفت لتوقف التنفس يقينًا، أما نبض القلب فيبقى دقائق بعد توقف المُنَفِّسَة حتى يخمد يقينًا، وليس هو نبضًا تلقائيًّا، ولكنه بفعل وصول الأوكسجين إليه من الرئتين اللتين تتحركان بفعل المُنَفِّسَة.

٢ - توقف نبض القلب ليس من علامات الموت عند أهل السنة، ولا ذكر له في كتب المتقدمين منهم، وإنما ذكرها فقهاء الإباضية (٣).

وقد يجاب أن الموت يعرف بخمود كل أعضاء الإنسان كما قال تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} [يس: ٢٩]، ومع كون القلب ينبِض، والقدرة على إدراك ذلك، لا يحكم بخمود الأعضاء. والجواب على ذلك أن الشعر ينمو لمدة


(١) انظر «رَدّ المُحتار» لابن عابِدِين (٢/ ١٩٠)، «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (٢/ ١٢٣)، «الأُمّ» للشافعي (١/ ٣١٤)، «الإنْصَاف» للمِرداوِيِّ (٢/ ٤٦٧).
(٢) «صَحِيح مُسْلِم» كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر (٢/ ٦٣٤).
(٣) «شرح النيل وشفاء العليل» لأطفيش (٢/ ٥٥٨).

<<  <   >  >>