خلق الله الناس على نوعين، فهم إما ذكور وإما إناث - في الغالب الأعم - ولا حاجة للطبيب لتمييزهما عندما يكون المولود أو الطفل ذكرًا ظاهر الذكورة أو أنثى ظاهرة الأنوثة.
ولكن تظهر المشكلة، ومن ثم الحاجة إلى الطبيب، إذا حصل اللبس والاشتباه في جنس المولود أو الطفل نتيجة لعيب في الخِلقة، وهذه المشكلة هي ما يعرف بمشكلة الخنثى، وهي نادرة الحدوث، ولكن الإسلام، دين الله، يحكم كل مناحي الحياة في كل وقت وظرف وحالة، لذا اعتنى الفقهاء ببيان مشكلة الخنثى والتفصيل فيها.
والسبب في أهمية تحديد جنس المولود أو الطفل هو تنشئته حسب الجنس الحقيقي حتى يأخذ دوره المناسب له في المجتمع، وحتى لا يحصل الاضطراب والعنت والحرج له ولأسرته عند بلوغه وظهور الخطأ في تحديد جنسه في الصغر.
كذلك فإن الذكور والإناث، وإن كان الأصل اشتراكهم في جميع الحقوق والواجبات والأحكام الشرعية لقول الله تعالى:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}[آل عمران: ١٩٥]، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّما النِّسَاءُ شَقَائِق الرِّجَالِ»(١) إلا أن هناك من الأحكام والحقوق والواجبات ما يختص بالرجال دون النساء ومنها ما يختص بالنساء دون الرجال. وإن من أهم هذه الأحكام بالنسبة لمشكلة الخنثى التوريث، وذلك لأن الخنثى في الغالب الأعم من الحالات يزول إشكاله - كما سنبين - عند البلوغ، وعندئذ تصير التكاليف الشرعية لازمة له لا قبل، ولكن
(١) «سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الطهارة، باب في الرجل يجد البلة في منامه، (١/ ٦١). وصححه الألبَانِيّ (انظر «سُنَن أبي دَاوُد» بتحقيق مشهور، برقم ٢٣٦).