للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي تلقى هذا الوحي من ربه هو من علمنا أن الأرواح جنود مجندة، وأنها تتلاقى في المنام، وأنها تنفخ في الجنين بعد أربعين يومًا أو مائة وعشرين، على خلاف، وغير ذلك كثير.

إن إدراكنا لبعض خصائص الروح، ولمفهوم الحياة والموت في ديننا حري أن ييسر علينا فهم ومناقشة الآراء المختلفة عن نهاية حياة الإنسان وعلامات الموت.

ولنبدأ بالروح، فإنها التي متى فارقت البدن حل الموت بالإنسان؛ وكل علامات الموت التي نناقشها ما هي إلا دلائل على حصول هذا الفراق بين الروح والجسد.

ولعل من أفضل التعريفات للروح هو ما عرفها به الإمام ابن القَيِّم -رحمه الله- حيث قال عنها:

«جسم مخالف بالماهِيَّة لهذا الجسم المحسوس وهو جسم نوراني عُلوي خفيف حي متحرك ينفُذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها سريانَ الماءِ في الورد وسريانَ الدُّهْنِ في الزيتون والنارِ في الفحم. فما دامت هذه الأعضاء صالحةً لقَبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف، بقي ذلك الجسم اللطيف ساريًا في هذه الأعضاء وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية. وإذا فسدت هذه بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها وخرجت عن قَبول تلك الآثار، فارق الروح البدن وانفصل إلى عالم الأرواح» (١).

وهذا الذي ذكره ابن القَيِّم هو معتقد أهل السنة، خلافًا للمعتزلة الذين يرون الروح عرضًا من الجسد وليست شيئًا غيره (٢).

ومما ينبغي الوقوف عنده في كلامه -رحمه الله- هو قوله: «وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب


(١) «الرُّوح» لابن القَيِّم (ص ٢٢٥).
(٢) «الرُّوح» لابن القَيِّم (ص ٢٢٣).

<<  <   >  >>