• على أن الأطباء يقصدون بالبلوغ ظهور علاماته الثانوية؛ كنمو الثديين وظهور الشعر، والعادة أن الحيض يتأخر عن ذلك بنحو عامين (١).
• إن الطب الحديث يقدر على القطع بما إذا كانت الفتاة قد حاضت أم أصابها دم علة، وذلك عن طريق البحوث المُختَبَرِيَّة والأشعة الصوتية على الرحم وفي كثير من الحالات قد يثبت الطب بداية الحيض قبل التاسعة.
• إن القول إذًا بعدم التحديد هو الأقرب للصواب من جهة الوقوع، ولكن ماذا نصنع إذا حاضت بنت الثامنة أو دون ذلك؟ هل نلزمها بكل تكاليف الإسلام؟ الحق أن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- السابق في الأمر بالصلاة لسبع والضرب عليها لعشر فيه - في تقديري - جوابٌ على هذا السؤال. إن مفهوم الحديث أنه لا إلزام قبل بلوغ الطفل سن العاشرة.
• إن القول الذي يترجح عندي هو أن الحيض حيضان: طبيعي وحكمي، فالطبيعي قد يقع قبل العاشرة في أي سن ولكن لا يكون له أثرٌ في الأحكام الشرعية والتكاليف حتى تبلغ الجارية العاشرة، وهو وجه عند الحنابلة-كما تقدم؛ وذلك لأن الحيض قبلها من النادر ولا عبرة به، ولاتفاقهم على عدم تكليف بنت السادسة مع إمكان حيضها ووقوعه، فلما لزم فك الارتباط بين الأمرين رجعنا إلى أقرب أدلة الوحي على أول زمن التكليف، وهو حديث الضرب على الصلاة، فجعلناه بداية سن الحيض الحكمي، وقد يسوغ الأخذ بأثر عائشة فهو أرفع ما ورد تصريحًا بهذا الشأن.
(١) في سؤال وجهته إلى دينيس ستاين (Dennis Styne) رئيس قسم غدد الأطفال بجامعة كاليفورنيا، أفادني بأن أكثر الاختصاصيين يرون فحص الجارية التي تحيض قبل التسعة أعوام وما بين التسعة إلى العشرة «منطقة رمادية».