للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول السادة الحنابلة:

قال ابن قُدامة -رحمه الله-: «وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يومًا؛ لأن كلام أحمد لا يختلف أن العدة تصح أن تنقضي في شهر واحد إذا قامت به البينة. وقال إسحاق: توقيت هؤلاء بالخمسة عشر باطل. وقال أبو بكر: أقل الطهر مبني على أكثر الحيض، فإن قلنا أكثره خمسة عشر يومًا، فأقل الطهر خمسة عشر، وإن قلنا أكثره سبعة عشر، فأقل الطهر ثلاثة عشر. وهذا كأنه بناه على أن شهر المرأة لا يزيد على ثلاثين يومًا يجتمع لها فيه حيض وطهر، وأما إذا كان شهرها على غير ذلك تصور أن يكون حيضها سبعة عشر، وطهرها خمسة عشر وأكثر. وقال مالك، والثَّورِيّ، والشافعي، وأبو حنيفة: أقل الطهر خمسة عشر. وذكر أبو ثور (١) أن ذلك لا يختلفون فيه، ولنا ما روي عن علي -رضي الله عنه-، أن امرأة جاءته، وقد طلقها زوجها، فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض، طَهُرَت عند كل قرء وصلت. فقال علي لشريح: قل فيها. فقال شُرَيْح: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته، فشهدت بذلك، وإلا فهي كاذبة. فقال علي: قالون، وهذا بالرومية، ومعناه: جيد، وهذا لا يقوله إلا توقيفًا؛ ولأنه قول صحابي، انتشر، ولم نعلم خلافه، رواه الإمام أحمد بإسناده، ولا يجيء إلا على قولنا أقله ثلاثة عشر، وأقل الحيض يوم وليلة» (٢).


(١) هو: أبو ثور إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكَلْبِيّ البَغْدَادِيّ، الفقيه، صاحب الإمام الشافعي، كان أحد أئمة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلا، صنف الكتب وفرع على السنن، وذب عنها، يتكلم في الرأي فيخطئ ويصيب، ومات -رحمه الله- ببغداد شيخًا سنة ٢٤٠ هـ، كان من أصحاب الرأي حتى صاحب الشافغي وتبعه، وكان يستقل برأيه ويخالف الشافعي في مسائل كثيرة، فلم يعد الشافعية خلافه وجهًا. له مصنفات كثيرة منها: كتاب ذكر فيه اختلاف مالك والشافعي وذكر مذهبه في ذلك. راجع ترجمته في: «طَبَقَات الفُقَهَاء» (١/ ١١٢)، «تاريخ بغداد» (٦/ ٦٥)، «وَفَيَات الأعْيَان» (١/ ٢٦)، «طَبَقَات الشَّافِعِيَّة» لابن قاضي شُهْبَة (٢/ ٥٥).
(٢) «المُغْنِي» لابن قُدامة (١/ ٤٤٨).

<<  <   >  >>