للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس ما وقع للمرأة إلا واقعة عين لا يمكن أن تعمم على كل النساء، ومعنى إقرار علي لشريح هو أن الطهر قد يكون خمسة عشر يومًا أو ثلاثة عشر، لا أنه لا يكون أبدًا أقل من ذلك.

ولذلك فإن ابن حَزْم يذهب إلى أن قول علي هو أنه لا حد لأقل الطهر، ويروي عنه أنه سئل أيكون الطهر خمسة أيام، فقال: النساء أعلم بذلك (١).

ونُقِل عن ابن عباس أنه قال: من رأت الطهر ساعة فلتغتسل، وهو مشهور عنه (٢).

* ومستند من ذهب إلى أن أقل الطهر خمسة عشر يومًا آثار لم يصح منها شيء، بعضهم رفعها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. ولا يصح منها لا مرفوع ولا موقوف، حتى الأثر عن إبراهيم النَّخْعِيّ -رحمه الله- (٣) الذي رواه الدَّارِمِيّ ضعفه أهل الحديث كالزَّيْلَعِيّ (٤).

وقالوا: إن الشهر في الغالب ينقسم بين الحيض والطهر، فإذا كان أكثرُ الحيض خمسَة عشر يومًا، فتوجه أن يكون أقل الطهر خمسة عشر، ولا يخفى ضعف الاستدلال، فإنه لا يلزم أن تقسم الدورة الحيضية بهذه الطريقة، فإن المرأة قد تحيض مرتين في الشهر ومرة في الشهرين اتفاقًا، وليس الكلام هنا عن الأغلب، بل الأقل والأكثر.


(١) «المُحَلَّى» لابن حَزْم (١/ ٤١١ - ٤١٤).
(٢) «المُغْنِي» لابن قُدامة (١/ ٢١٤).
(٣) هو: أبو عِمْران إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود، النَّخْعِيّ، فقيه العراق، من مَذْحِج من أكابر التابعين صلاحًا وصدق رواية وحفظًا للحديث، من أهل الكوفة، ولد سنة ٤٦ هـ، كان إمامًا مجتهدًا له مذهب، ولما بلغ الشَّعْبِيّ موته قال: والله ما ترك بعده مثله، توفي -رحمه الله- سنة ٩٦ هـ. راجع ترجمته في: «وَفَيَات الأعْيَان» (١/ ٢٥)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (٤/ ٥٢٠)، «شَذَرَات الذَّهَب» (١/ ١١١).
(٤) «نَصْب الرَّايَة» للزَّيْلَعِيّ (١/ ١٩٩).

<<  <   >  >>