للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد» (١). وعرفه الأكثرون بأنه «العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية» (٢).

وإذا كنا بصدد تعريف هذا العلم المخصوص، فلعل تعريف الجمهور هو الأقوى، ولقد ذكروا العمليَّة للتفريق بين أحكام الفقه والعقيدة؛ غير أن الأدلة فيها التفصيلية وغير ذلك، كالاستدلال بكليات الشريعة ومقاصدها والقواعد الفقهية الكلية والضوابط المختصة بأبواب بعينها، فإن المطالع لكتب الفقه يدرك كثرة تعويل العلماء على كل ذلك. وإن كانت هذه بدورها مستنبَطةً من الأدلة التفصيلية.

والمقصود بالعلم الذي يمتاز به الفقيه - كما أشار إليه تعريف المُناوِيّ - هو ما يستفاد عن طريق الاستنباط، الذي يتأتى له لوقوفه على تلك المعاني الخفية التي لا يدركها أكثر الناس (٣). وفي «المنثور»: «وقال ابن سراقة في كتابه في الأصول: حقيقة الفقه عندي الاستنباط، قال الله تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣]؛ وكذلك قال ابن السَّمْعَانِيِّ في القواطع: هو استنباط حكم المُشكِل من الواضح. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رُبَّ حامِلِ فِقهٍ غَيرِ فَقيهٍ» أي غير مستنبِط، ومعناه أنه يحمل الرواية من غير أن يكون له استدلالٌ واستنباطٌ منها. قال وما أشبه الفقيهَ بغواصٍ في بحر


(١) «التَّعَارِيف» للمُناوِيّ (١/ ٥٦٣).
(٢) انظر «شَرْح التَّلْوِيح على التَّوْضِيح» للتَّفْتَازانِيّ (١/ ٢١)، «شَرح مُخْتَصَر خَلِيل» للخَرَشِيِّ (٧/ ١٩)، «نهاية المُحْتاج» للرَّمْلِيّّ (١/ ٣١)، «أنِيس الفُقَهَاء في تَعْرِيفَات الألفَاظِ المُتَدَاوَلَة بين الفُقَهَاء» للقُونَوِيّ (١/ ٣٠٨)، «معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية» لمحمود عبد الرحمن (٣/ ٤٩).
(٣) انظر «أنِيس الفُقَهَاء في تَعْرِيفَات الألفَاظِ المُتَدَاوَلَة بين الفُقَهَاء» للقُونَوِيّ (١/ ٣٠٩).

<<  <   >  >>