للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يسوغ القول بأن ما يكون من نزيف بسبب الولادة يأخذ حكم النفاس كما هو قول الحنابلة، وإن لم تكن طبيعة الدم وسببه كدم النفاس، ولكنه دم ينزل بسبب الولادة وفي زمانها وفي اعتباره نفاسًا تخفيف على المرأة في تلك الأوقات التي تكون بأمس الحاجة فيها إلى التخفيف.

ولكن لا يحكم بكونه نفاسًا إلا إذا كان مصحوبًا بالطلق وآلام الولادة كما جاء عن الحسن -رحمه الله-: «إذا رأت الدم على الولد أمسكت عن الصلاة» (١). وقال ابن قُدامة -رحمه الله-: «وإنما يعلم خروجه بسبب الولادة إذا كان قريبا منها ويعلم ذلك برؤية أماراتها؛ من المَخَاض ونحوه في وقته؛ وأما إن رأت الدم من غير علامة على قرب الوضع، لم تترك له العبادة؛ لأن الظاهر أنه دم فساد فإن تبين كونه قريبا من الوضع، كوضعه بعده بيوم أو بيومين أعادت الصوم المفروض إن صامته فيه. وإن رأته عند علامة على الوضع تركت العبادة. فإن تبين بعده عنها أعادت ما تركته من العبادات الواجبة؛ لأنها تركتها من غير حيض ولا نفاس» (٢).

وبذلك القول يمكن الجمع - وإن كان بشيء من التكلف - بين الأثرين عن عائشة كما فعل ابن قُدامة -رحمه الله-.

* * *


(١) «المُغْنِي» لابن قُدامة (١/ ٢١٩)؛ وهو في «سُنَن الدَّارِمِيّ» كتاب الطهارة، باب في الحبلى إذا رأت الدم (١/ ٢٤٦).
(٢) «المُغْنِي» لابن قُدامة (١/ ٢١٩).

<<  <   >  >>