للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم قالوا لا تدع الصلاة بعد الأربعين؛ وهو قول أكثر الفقهاء وبه يقول سفيان الثَّورِيّ وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق ويروى عن الحسن البصري أنه قال إنها تدع الصلاة خمسين يوما إذا لم تر الطهر؛ ويروى عن عَطَاء بن أبي رباح والشَّعْبِيّ ستين يوما» (١).

ولا تَسلَم حكاية الإجماع دليلا لهم على أن النفاس لا يكون أكثر من الأربعين، فليس ذلك ما نقله التِّرْمِذِيّ -رحمه الله- وإن كان نقله للإجماع يصلح دليلا على أنهم أجمعوا على أن أقل التحديد الأربعون.

ولا يشغب على هذه الحكاية للإجماع، على كونه لا يحد أكثره بدون الأربعين، إلا ما ذكر من قول الضَّحَّاك أن أكثره أربعة عشر يومًا، والضَّحَّاك تابعي جليل، وإن كانوا قد اختلفوا في سماعه من الصحابة (٢). والجواب أن نقل الإجماع عن الصحابة لا يفسده خلاف من بعدهم.

ولكن الصحيح أن الإجماع - كما هو مقتضى كلام التِّرْمِذِيّ عن خلافهم فيمن تجاوزت الأربعين- إنما هو على أن أحدًا لم يقل بما هو دون الأربعين في تحديد أكثر النفاس.

* دليل من قال بالستين:

أما القائلون بالستين فاستدلوا بالوجود وحكاية الواقع وما رووه عن الشَّعْبِيّ وعَطَاء، وإن كان الصحيح عن عَطَاء القول بالأربعين.

وليس في أدلتهم ما يمنع أن يكون النفاس أكثر من الستين إذا وقع.


(١) «سُنَن التِّرْمِذِيّ» كتاب الطهارة، باب ما جاء في كم تمكث النفساء (١/ ٢٥٨).
(٢) «البِدَايَة والنِّهَايَة» لابن كَثِير (٩/ ٢٢٣).

<<  <   >  >>