للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي السابق كان المريض يموت حتمًا بعد موت الدِّمَاغ أو جِذعه، لتوقف القلب والتنفس اللذَين يتحكم فيهما جِذع الدِّمَاغ؛ وعندها حكموا بالوفاة. وما زاد الأمر تعقيدًا أن ميت الدِّمَاغ يقطع الطب المعاصر يقينًا بموته، وأنه لا بصيص أمل في عودته إلى الحياة (١).

فعندنا الآن إنسان على جهاز المُنَفِّسَة، يتحرك صدره بعمل الجهاز، وينبض قلبه عن طريق مركز ذاتي بالقلب نتيجة لوصول الأوكسجين إليه، ويضخ هذا القلب الدم إلى الأعضاء، فتعمل كُليتاه وينمو شعره وأظفاره، ولكن دماغه قد مات، بل وبدأ في التحلل (٢).

والسؤال هنا ذو شِقَّين: هل هذا الإنسان ميت أم حي؟ وهل يجوز رفع أجهزة الإنعاش عنه؟

والحق أن إجابة السؤال الثاني كانت أيسر على الفقهاء بمراحل من إجابة السؤال الأول، حيث قرر جمهورهم، كما سنبين، جواز رفع أجهزة الإنعاش لما ترجح عندهم من عدم وجوب التداوي في مثل هذه الحالة الميؤوس منها، ولما ترجح عند بعضهم من كون صاحب هذه الحالة ميتًا.

أما السؤال الذي حارت فيه العقول واختلف فيه الناس فهو: هل يعتبر موت الدِّمَاغ موتًا، فتثبت به كل أحكام الموت من ساعة تشخيصه؟ أم لا يعتبر الإنسان قد مات إلا بعد رفع الأجهزة ثم توقف عمل القلب؟ وهذا يحدث في العادة بعد دقائق.


(١) للمزيد، انظر «الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها في المفهوم الإسلامي» بحث الدكتور مختار المهدي، رئيس قسم جراحة الأعصاب، مشفى ابن سينا، الكويت (ص ٣٣٣).
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>