الحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال لا تكون باختيار أحدهما من غير تفصيل، فقبل الإجابة لابد من التساؤل عن المقصود بالحياة؟ هل هي الحياة الإنسانية الدنيوية؟ فإن قيل نعم، وكان المحل هو الإنسان بعد نفخ روحه، فهما نقيضان لأن الإنسان لا يجتمع فيه الوصفان ولا يخلو منهما.
أما في غير ذلك فهما ضدان، فالجنين قبل نفخ الروح فيه لا يوصف بالموت ولا يوصف بالحياة الإنسانية الدنيوية.
إننا لو اعتبرنا الموت والحياة ضدين، لجاز أن نجعل عيش المذبوح غيرهما، فلا نثبت له حياةً ولا موتًا. ولكن الذي يظهر لي أنهما، في هذه الدار، نقيضان. وإن فقهاءنا، وإن أجروا على المذبوح بعض أحكام الأموات، كما سيأتي، لم يسموه ميتًا، بل جعلوا حياته أحد أقسام الحياة لا قسيمًا لها، وسمَّوها عيش المذبوح.
إن الذي يظهر أن الإنسان في هذه الدار، وبعد ولادته إما أن يكون حيًا أو ميتًا، ولا ثالث لهما (١).
بقي أن الأطباء يصفون حياة من ماتت قشرة مخه بالنباتية وهذا ليس له اعتبار في الشريعة، فإن هذا الإنسان الذي ينبض قلبه تِلقائيًا ويتنفس له حياة إنسانية محترمة في ميزان الشرع.
ومن تعريفات الموت في اللغة والاصطلاح ما جاء في الموسوعة الفقهية:
«المَوْتُ في اللغة: ضد الحياة. يقال: مَاتَ يَمُوتُ فهو مَيِّتٌ وَمَيْتٌ ومن أسمائه: المَنُونُ وَالمَنَّا وَالمَنِيَّةُ وَالشُّعُوبُ وَالسَّامُ وَالحِمَامُ وَالحَيْنُ وَالرَّدَى وَالهَلاكُ وَالثُّكْلُ وَالوَفَاةُ وَالخَبَالُ. وفي مقايِيسِ اللغة: المِيمُ وَالوَاوُ وَالتَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ذَهَابِ القُوَّةِ مِنْ الشَّيْءِ