للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب هو أن الكلام ليس عن توقف المخ بل موته، أما الزرع فمستحيلٌ لصعوبة العملية، فهناك الآلاف من الأعصاب والأوردة التي تحتاج إلى توصيل ببعضها وكل الزمن المتاح قبل موت المخ أربع دقائق (١) وقد يجاب بأن نقل المخ إنما هو قتلٌ لشخصٍ لمصلحة آخرَ. وجوابُ هذا أنه متصور إذا كان الأولُ مهدرَ الدم. ولكنَّ الحقيقة التي يعرفها كل طبيب أن زراعة المخ أو عودة الحياة للمخ الميت إنما هو ضرب من المستحيل. هذا وإن قال البعض بأن أحلام اليوم هي حقائق الغد، لكننا نبني أحكام اليوم على حقائق اليوم لا أحلامه.

٦ - الإسلام يربط أحكامه بعلامات ظاهرة، فالموت من الأمور التي يحتاج إلى معرفتها آحاد الناس وأبناء الحضر والبادية والطبيب وغيره. إذًا فلتبق علامات الموت على ما كانت من تلك الأمارات الظاهرة.

والجواب أن سؤال أهل الخبرة أمر محمود شرعًا في معرفة الأمور المتعلقة بالدنيا وقد كانت نساء الصحابة ترسل بالدِّرَجَة فيها الكُرْسُف لعائشة -رضي الله عنها- لتخبرهن بانتهاء حيضهن (٢). والشارع لم يربط الحكم بالموت بأسباب معينة، كما فعل في دخول شهر رمضان، فنقف عندها عند السبب المنصوص.

ويطعن على هذا الاستدلال أيضًا ما قدمنا من أن خفقان القلب ليس من العلامات الظاهرة على الموت في كتب أهل السنة ولم يشِع استعمال هذه العلامة حتى شاع استخدام السماعة الطبية، فرجع الأمر إلى حكم الخبير.

بل إنه لا يكون من قبيل المبالغة القول بوجوب الرجوع إلى الطبيب عند الشك في


(١) انظر «الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها في المفهوم الإسلامي» بحث د. مختار المهدي (ص ٣٤٣).
(٢) رواه البخاري معلقًا مجزومًا به: كتاب الحيض، باب إقبال الحيض وإدباره (١/ ١٢١)، رواه مالك في «المُوَطَّأ» كتاب الطهارة، باب طهر الحائض (١/ ٥٩).

<<  <   >  >>