للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في المقدمة الطبية، فسواءٌ وصل الداخل إلى المَعِدَة أم لا فإنه يستفيد منه الجسم، ولو كان الداخل من السوائل أو الجلوكوز فالاستفادة ظاهرة وحصول معنى الأكل والشرب ظاهر كذلك. وقد يُعارَض بأن الامتصاص يكون عن طريق الجلد ولا يُفْطِر اتفاقًا، ولكن هذا امتصاص قليل لبعض الأدوية وما لا يتغذى عليه الجسم أو يدفع عنه شيئًا من الجوع أو العطش.

الفريق الثاني: المالكية فرقوا بين المائع وغيره لأن المائع له قوة الوصول إلى المَعِدَة وهي الجَوْف الذي يحلل الغذاء، ففطروا بإدخال المائع من الدبر دون الدُّهْن والفتائل (١).

* الفريق الثالث: الإمامان ابن حَزْم (٢) وابن تَيمِيَّة (٣) لم يروا التفطير بالحُقْنَة بمائع أو غيره لعدم وجود العلة المؤثرة الجامعة بين الحُقْنَة وما ثبت بالنص أنه مُفْطِر ولوجود الفارق الظاهر.

ولقد اختلف المعاصرون بناءً على هذا الخلاف في حكم المداواة عن طريق الدبر للصائم، فذهب البعض (٤) إلى حصول الفطر بذلك ووجوب القضاء وذهب الآخرون (٥) إلى عدم حصوله، ولعله الأقوى لأن امتصاص الدواء عن طريق المستقيم كمثل امتصاصه عن طريق الجلد، والأخير لا يُفْطِر أما السوائل والمواد المغذية فإن إدخالها إلى الجَوْف عن طريق فتحة الدبر يوافق الأكل والشرب في المعنى، لأنه كما تبين


(١) انظر «الشَّرْح الكَبِير» للدَّرْدِير (١/ ٥٢٣).
(٢) «المُحَلَّى» لابن حَزْم (٦/ ٢٠٣).
(٣) «مَجْمُوع الفَتَاوَى» لابن تَيمِيَّة (٢٥/ ٢٣٣).
(٤) اختاره الشيخ حسن أيوب وحسنين مخلوف. انظر بحث «أثر التقنية الحديثة في الخلاف الفقهي» للدكتور هشام بن عبد الله آل شيخ (ص ٢٥٧).
(٥) اختاره الشيخ محمد بن عُثَيْمِين ومحمد شلتوت ومحمد جبر الألفي، ورجحه صاحب «أثر التقنية» الدكتور هشام آل الشيخ، انظر بحثه (ص ٢٥٧).

<<  <   >  >>