للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القُرْطُبِيّ -رحمه الله- في «أحْكَام القُرآن»:

«قال محمد بن عبد الحكم: سمعت حرملة بن عبد العزيز قال: سألت مالكًا عن الرجل يجلد عُمَيرة، فتلا هذه الآية {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} قرأ إلى {الْعَادُونَ} وهذا لأنهم يكنون عن الذكر بعُمَيْرَة وفيه يقول الشاعر:

إذا حَلَلْت بوادٍ لا أنيس به ... فاجْلِد عُمَيْرَة لا داء ولا حرج

ويسميه أهل العراق الاستمناء وهو استفعال من المني. وأحمد بن حنبل على ورعه يجوزه (١) ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة، كالفصد والحجامة. وعامة العلماء اتفقت على تحريمه، وقال بعض العلماء إنه كالفاعل بنفسه، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة، ويا ليتها لم تقل، ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها، فإن قيل إنها خير من نكاح الأمة قلنا: نكاح الأمة ولو كانت كافرة على مذهب بعض العلماء خير من هذا، وإن كان قد قال به قائل أيضًا. ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل عار بالرجل الدنيء فكيف بالرجل الكبير.

السادسة: قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} قال الفراء: أي من أزواجهم اللاتي أحل الله لهم لا يجاوزون {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} في موضع خفض معطوفة على أزواجهم وما مصدرية وهذا يقضي تحريم الزنا وما قلناه من الاستمناء ونكاح المتعة؛ لأن المتمتع به لا يجري مجرى الزوجات» (٢).


(١) نسبة التجويز إلى الإمام أحمد -رحمه الله- خطأ عليه، فإنه قد وردت عنه روايتان واحدة بالتحريم والأخرى بالكراهة فيمن استمنى لغير حاجة، وإنما جوزه لمن غلبته الشهوة، وخاف على نفسه الزنا. «الإنْصَاف» للمِرداوِيِّ (١٠/ ٢٥١ - ٢٥٢)، «الفُرُوع» لابن مُفْلِح (٦/ ١٢٢)، وذكر فيه رواية عن أحمد بالتحريم حتى لو خاف، ولكنها ليست المشهورة في المذهب.
(٢) «أحْكَام القُرآن» للقُرْطُبِيّ (١٢/ ١٠٦).

<<  <   >  >>