للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ذلك، فلو لم يُفتَح لهم بابُ التعليم بالأجر لذهب القرآن؛ فأفتوا بجواز ذلك ورأوه حسنًا وقالوا: الأحكام قد تختلف باختلاف الأزمان (الزَّيْلَعِيّ): اتفقت النقول عن أئمتنا الثلاثة أبي حنيفة وأبي يوسف (١) ومحمد (٢) أن الاستئجار على الطاعات باطل، لكن جاء مَن بعدَهم من المجتهدين من أهل التخريج والترجيح فأفتَوا بصحته على تعليم القرآن للضرورة، فإنه كان للمعلمين عطايا من بيت المال وانقطعت، فلو لم يصحَّ الاستئجار وأخذ الأجرة لضاع القرآن، وفيه ضياعُ الدين لاحتياجِ المعلمين إلى الاكتساب، وأفتى من بعدهم أيضًا من أمثالهم بصحته على الأذان والإمامة، لأنها من شعائر الدين فجوَّزوا الاستئجار عليهما للضرورة أيضا. فهذا ما أفتى به المتأخرون عن أبي حنيفة وأصحابه لعلمهم بأن أبا حنيفة وأصحابه لو كانوا في عصرهم لقالوا بذلك ورجَعوا عن قولهم الأول» (٣).


(١) هو: أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصَارِيّ الكُوفِيّ البَغْدَادِيّ، الجهبذ، قاضي القضاة، صاحب الإمام أبي حنيفة، وتلميذه، وأول من نشر مذهبه. كان فقيهًا علامة، من حفاظ الحديث. ولد بالكوفة سنة ١١٣ هـ. وتفقه بالحديث والرواية، وولي القضاء ببغداد أيام المهدي والهادي والرشيد. ومات: في خلافته ببغداد، وهو على القضاء سنة ١٨٢ هـ من كتبه: «الخراج» «النوادر» «اختلاف الأمصار» «الفرائض». راجع ترجمته في: «الجَوَاهِر المُضِيَّة» في طَبَقَات الحَنَفِيَّة» (١/ ٢٢٠)، «وَفَيَات الأعْيَان» (٦/ ٣٧٨)، «السِّيَر» للذَّهَبِيّ (٨/ ٥٣٥).
(٢) هو: أبو عبدالله، محمد بن الحسن بن فَرْقَد الشَّيبانِيّ، من موالي بني شيبان، ثالث ثلاثة الأركان في مذهب أبي حنيفة النُّعْمَان، إمام حبر في الفقه والأصول، أحد أئمة الإسلام «الأعلام»، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة. ولد بواسط سنة ١٣١ هـ. ونشأ بالكوفة، فسمع من أبي حنيفة وغلب عليه مذهبه وعرف به، مات: في الرَّيّ سنة ١٨٩ هـ. له كتب كثيرة في الفقه والأصول، منها: «المَبسُوط»، «الزيادات»، «الجامع الكبير»، «المخارج» في الحيل. راجع ترجمته في: «تاريخ بغداد» (٢/ ١٧٢)، «الجَوَاهِر المُضِيَّة» في طَبَقَات الحَنَفِيَّة» (١/ ٤٢)، «وَفَيَات الأعْيَان» (٤/ ١٨٤).
(٣) «درر الحكام في شرح مجلة الأحكام» لعلي حَيْدَر (١/ ٤٦٣).

<<  <   >  >>