وتثير قضية هذه السيدة جملة من القضايا تتمثل فيما يلي: حكم التداوي، وإذن المريض أو أوليائه، وحقيقة الموت شرعا، وقتل المرحمة ...... وبناء على ما سبق فإن المتأمل في حالة تيري يرى أنها لم تكن في حالة موت بالمعنى الطبي أو الشرعي، وإنما كانت تعيش حياة تشبه الحياة النباتية المستمرة، ولصاحب هذه الحالة ومثلها من الحالات المزمنة الميئوس من شفائها واستعادتها للعافية الحق في الحياة حتى يسلم روحه إلى بارئها، وعلى هذا فإن ما كان يقدم لها من رعاية صحية ينقسم إلى نوعين:
ما كان من جنس الغذاء وما يتضمنه من أسباب الحياة الطبيعية والضرورية التي يستوي في طلبها المرضى والأصحاء كتوفير الماء والطعام والهواء ونحوه، فهو حق مكفول للمريض لا ينازعه فيه أحد، سواء أكان ذلك بالوسائل العادية عند القدرة على ذلك أو بالبدائل الطبية في حالة العجز، (وإن كان ثمة جدل فقهي حول اعتبار البدائل الطبية للطعام والشراب من جنس الغذاء أم من جنس الدواء فإن ذلك لا وجه لإثارته في هذه الحالة فقد كانت هذه البدائل موجودة سلفا ثم حرمت منها المريضة بإصرار من وصيها) وما كان من هذا القبيل لا يملك أحد حق التنازل عنه، لا من قبل المريض نفسه ولا من قبل أحد من أوليائه، فإن امتنع عن ذلك المريض فهو ظالم لنفسه، وإن أوصى به فقد تجانف في وصيته لإثم، فوصيته رد، وإن فعل به ذلك أحد من أوليائه فهو ظالم لغيره، والقضاء بالمرصاد لهذا الموقف الظالم المتعسف لما سبق من أن تصرف الأولياء مقيد بالنظر الشرعي وبالمصلحة الشرعية، وما تقتضيه مصلحة المولى عليه ودفع الأذى عنه.
أما ما كان من جنس الدواء، فلا شك أن التداوي مشروع في الجملة، ويرتقي - كما سبق - إلى مستوى الواجبات، إذا كان تركه يفضي إلى تلف النفس تلفا كليا أو جزئيا ما دام يغلب على الظن أنه سبيل إلى إنقاذ النفس من التلف واستعادتها للعافية، أما إذا كان