للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعله من الواضح أيضًا أنه يفرق بين ما قبل غرس الأُنْبُوب في المَعِدَة وهو عمل جراحي وما بعده، وإن كان الأُنْبُوب يحتاج إلى تعهد من قبل هيئة التمريض.

ولقد استطلعت بعض آراء الفقهاء (١)، فوجدت انقسامًا في الرأي حول اعتبار إيقاف هذا النوع من التغذية عن طريق المَعِدَة حبسًا للطعام عن المريض. فالبعض يرى أنه كذلك، وآخرون يرون هذا التدخل الطبي نوعًا من المداواة سواء كان ذلك قبل أو بعد غرس أُنْبُوب المَعِدَة.

• والذي يظهر لي أنه من المداواة، وأنه لا يجب، بل وربما لا يستحب أحيانًا، فإن فيه إطالة لمعاناة المريض من غير طائل البتة. ولقد زجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لدُّوه بغير إذنه، قالت عائشة -رضي الله عنها-: «لددناه في مرضه فجعل يشير إِلينا أَن لا تَلُدُّونِي فقلنا كراهية المَرِيضِ للدواءِ فلما أَفاق قال أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي قلنا كراهِيَة المَرِيضِ للدواءِ فقال لا يَبْقَى أَحَدٌ في الْبَيْتِ إلا لُدَّ وأنا أَنظُر إلا الْعَبَّاسَ فإنه لم يَشهَدكُم» (٢). وهذا شبيه اللدود. .

ثم إن هذه المحاليل المغذية تصنع في المعامل وتحتاج إلى خبرات خاصة لتصنيعها، وليس ذلك كالطعام. ودفعها عن طريق أُنْبُوب المَعِدَة يحتاج إلى غرس الأُنْبُوب ثم العناية بها، وليس ذلك كالإطعام.

* * *


(١) كان ممن اعتبره إطعامًا الدكتور علي السالوس، عضو المجامع الفقهية، وممن اعتبره مداواة الدكتور الطبيب العالم الداعية ياسر برهامي.
(٢) «صَحِيح البُخَارِيّ» كتاب المغازي، باب مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- ووفاته (٤/ ١٦١٨).

<<  <   >  >>