للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما أقوال الفقهاء في تحديد جنس الخنثى، فالحقيقة أنني لم أجد تفصيلًا في هذه المسألة أوسع وأحسن مما فصل فيها الإمام العلامة النَّوَوِيّ في «المَجْمُوع»، ولذلك أنقل مقالته مقطعةً إلى أجزاء، ثم أعلق على ما ورد في كل جزء من معلومات متعلقة بالطب مبينًا صوابها من خطئها، وكذلك أذكر آراء أصحاب المذاهب الأخرى، وأناقش الآراء مع بيان أولاها بالصواب في ظني.

قال النَّوَوِيّ -رحمه الله-: «واعلم أن الخنثى ضربان:

(أحدهما): وهو المشهور أن يكون له فرج المرأة وذكر الرجل.

(والضرب الثاني): أن لا يكون له واحد منهما، بل له ثقبة يخرج منها الخارج ولا تشبه فرج واحد منهما ... قال البَغَوِيّ: وحكم هذا الثاني أنه مشكِل يوقَف أمرُه حتى يبلغَ فيختارَ لنفسِه ما يميل إليه طبعه من ذكورة وأنوثة، فإن أمنى على النساء ومال إليهن، فهو رجل وإن كان عكسه، فامرأة، ولا دلالة في بول هذا. وأما الضرب الأول فهو الذي فيه التفريع، فمذهبنا أنه إما رجل وإما امرأة وليس قسمًا ثالثًا» (١).

التعليق: أما الضرب الأول الذي أشار إليه فإما أن يكون الخنثى الحقيقية وهذه الحالات شديدة الندرة - كما تقدم - وعندها لا يصح قوله «فمذهبنا أنه إما رجل وإما امرأة»، وإما أن يكون الخنثى الكاذبة، وعندها يصح قوله «فمذهبنا أنه إما رجل وإما امرأة وليس قسمًا ثالثًا». إذًا فالقول صحيح في الغالب الأعم.

وأما كلامه عن الضرب الثاني الذي لا يكون له فرج المرأة ولا ذكر الرجل، فإنه يتحدث عن أنواع من الحالات يكون فيها عيوب شديدة في المجاري البولية والجيب


(١) «المَجْمُوع» للنَّوَوِيّ (٢/ ٥٢ - ٥٣).

<<  <   >  >>