للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم- قال: «الخُنُثى يَرث مِن قِبل مَباله» ثم قال ابن عدي -رحمه الله-: وسليمان بن عمرو [أحد رواة الحديث] اجتمعوا على أنه يضع الحديث» (١).

وأرجى ما في الباب من الآثار ما جاء موقوفًا على علي -رضي الله عنه- في الخنثى، قال: «يوَرَّث مِن قِبل مَبالِه» (٢)، وقال الألبَانِيّ -رحمه الله- في «الإرواء»: «والصحيح في هذا عن عليٍّ موقوفًا» (٣).

وعلي -رضي الله عنه- يفتي باجتهاده ولو كان ثَمَّ نصٌّ لبينه. وليست هذه المسألة من المسائل التي يشيع العلم بها، فيقول قائل: إنه قول صحابي لا يعرف له مخالف من الصحابة، فيكون إجماعًا.

وحاصل ما ذكرنا أن الوحي (الكتاب والسنة) لم يأتِ بطريقة لتحديد جنس المولود والخنثى، وأن آراء الفقهاء مردها إلى الاجتهاد وهذا غير ملزم؛ فإنه مبني على علوم ومعارف أهل تلك الأزمنة، وما قصروا - رحمهم الله - في البحث والتحري والاستقراء والتتبع. أما في زماننا هذا، فإن تطور العلوم مكَّن الأطباء من معرفة نوع المولود أو الطفل على نحوٍ أكثرَ دقةً، والمقصود إصابة الحق.

ويبقى اجتهاد الفقهاء - أو بعضه - نافعًا في حالة عدم وجود الأطباء الأكفاء - كما سنبين - أما في حالة وجودهم، فيرتفع الإشكال بحمد الله.

والآن نعرض ما نراه التوفيق الملائم بين آراء الفقهاء (المتقدمين) والطب الحديث.


(١) «الكامل في ضعفاء الرجال» لابن عدي (٣/ ٢٤٩).
(٢) «مُصَنَّف ابن أبي شَيْبَة» كتاب الفرائض، باب في الخنثى يموت كيف يورث (٦/ ٢٧٧).
(٣) «إرْوَاء الغَلِيل» للألبَانِيّ (٦/ ١٥٢ برقم ١٧١٠).

<<  <   >  >>