للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليمين أو النكول عنه أو القسامة أو علم القاضي بما يريد أن يحكم به أو القرائن الواضحة التي تصير الأمر في حيز المقطوع به» (١).

ويحاول الجَصَّاص -رحمه الله- أن يُخَرِّج عملهم بالقرائن على أنه للترجيح بين أدلة متعارضة فيقول:

« ... والعلامة ليست ببينة ... وأما قول أصحابنا في الرجلين يدعيان لقيطا كل واحد يدعي أنه ابنه ووصف أحدهما علامة في جسده فإنما جعلوه أولى استحسانا من قبل أن مدعي اللقيط يستحقه بدعواه من غير علامة ويثبت النسب منه بقوله وتزول يد من هو في يده فلما تنازعه اثنان صار كأنه في أيديهما لأنهما قد استحقا أن يقضى بالنسب لهما لو لم يصف أحدهما علامة في جسده فلما زالت يد من هو في يده صار بمنزلته لو كان في أيديهما من طريق الحكم جميعه في يد هذا وجميعه في يد هذا فيجوز حينئذ اعتبار العلامة ونظيره الزوجان إذا اختلفا في متاع البيت لما كان لكل واحد يد في الجميع اعتبر أظهرهما تصرفا وآكدهما يدا (٢) ... فهذه المواضع التي اعتبروا فيها العلامة إنما اعتبروها مع ثبوت اليد لكل واحد من المدعيين في الجميع فصارت العلامة من حجة اليد دون استحقاق الملك بالعلامة» (٣).

إننا لا نسلم بتوجيه الجَصَّاص -رحمه الله-، وذلك أن اليد قائمة لكل من الزوجين فلما تعارضتا تساقطتا، وحكم بالقرينة. وليست تطبيقات استعمال القرائن عند الحنفية محصورة في بضعة أمثلة بل هي كثيرة جدًّا منها: تجويزهم في حال ظهورِ أمارةٍ حبسَ


(١) «حَاشِيَة ابن عابِدِين» (٥/ ٣٥٤).
(٢) فيجعل الأحناف ما يكون للرجال للرجل وما كان للنساء للمرأة.
(٣) «أحْكَام القُرآن» للجَصّاص (٤/ ٣٨٦).

<<  <   >  >>