للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن الفقهاء اختلفوا في اعتماد القِيافة (١) في إثبات النسب عند الاستلحاق والتنازع، فأنكرها الحنفية وعمل بها الجمهور.

فمثلًا عند التنازع في نسبة ولد - كأن يكون رجلان وطئا امرأةً في طهر واحد بشبهة - ذهب الجمهور إلى العمل بالقيافة وذهب الحنفية إلى نسبته إليهما جميعًا (٢).

ثم إن الجمهور لا يقفون عند العمل بالقيافة فحسب، فإنه عند العجز عن تحديد النسب بالقيافة يلجؤون إلى الإقراع أو تخيير الولد إذا كان بالغًا (٣).

ملحوظة: القيافة والإقراع يلجأ إليهما عند التنازع وليسا أدلة على ثبوت النسب ابتداءً كباقي الأدلة.

والناظر في هذه الأدلة يرى أنها ليست كلها توقيفية بنص صريح، ولكن المقصود منها حصول غلبة الظن أن فلانًا ابن فلان، فإن أيًّا من هذه الأدلة لا يفيد اليقين، والعمل بها هو الحق، لأنها تفيد غلبة الظن مع تعذر حصول اليقين، والعقل يقتضي العمل بذلك وجاء الشرع بإقراره.

* * *


(١) القيافة: معرفة النسب بالشبه، والكلام هنا على قيافة البشر وهناك قيافة الأثر.
في «أبجد العلوم»: «وقيافة البشر -وهي المرادة ههنا- وهو علم باحث عن كيفية الاستدلال بهيئات أعضاء الشخصين على المشاركة والاتحاد بينهما في النسب والولادة في سائر أحوالهما وأخلاقهما ... وحصول هذا العلم بالحدس والتخمين، لا بالاستدلال واليقين، والله سبحانه وتعالى أعلم» «أبجد العلوم» (٢/ ٤٣٦).
(٢) انظر «شَرح فَتْح القَدِير» لابن الهُمَام (٥/ ٥٠)، «الوَسِيط» للغَزالِيّ (٧/ ٤٥٥).
(٣) انظر «الوَسِيط» للغَزالِيّ (٧/ ٤٥٥ - ٤٥٦).

<<  <   >  >>