للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجواب عليه من جهتين:

أن التجربة تعاد أكثر من مرة كما أنه يمكن اشتراط تعدد المعامل، ولقد أظهرت الدراسات - كما تقدم - أنه مع التدقيق فإن النتيجة في النفي وإثبات الأبوة ١٠٠% ودون ذلك بقليل في الأنواع الأخرى من الإثبات.

أما من جهة الشرع، فإن تخلف الدليل عن دلالته على وجه الندرة لا يخرجه عن كونه دليلًا، وفي ذلك يقول الإمام ابن القَيِّم -رحمه الله-: «وجواز التخلف عن الدليل والعلامة الظاهرة في النادر لا يخرجه عن أن يكون دليلا عند عدم معارضة ما يقاومه؛ ألا ترى أن الفراش دليل على النسب والولادة وأنه ابنه؟ ويجوز - بل يقع كثيرا - تخلف دلالته؛ وتخليق الولد من غير ماء صاحب الفراش، ولا يبطل ذلك كون الفراش دليلًا؛ وكذلك أمارات الخرص والقسمة والتقويم وغيرها قد تتخلف عنها أحكامها ومدلولاتها، ولا يمنع ذلك اعتبارها؛ وكذلك شهادة الشاهدين وغيرهما» (١).

وإن فقهاء المسلمين - حفظهم الله - لم يردوا العمل بالبصمة الوراثية، بل أقروا بأن لها مكانًا في التحقيق الجنائي والقضاء، وعلى الأخص في مسألة التنازع في النسب.

ولقد جاء قرار مجلس المجمع الفقهي التابع للرابطة شاهدًا على ذلك، ونصه:

«البصمة الوراثية هي البُنية الجينية (نسبة إلى الجينات، أي المورثات)، التي تدل على هُوِيَّة كل إنسان بعينه. وأفادت البحوث والدراسات العلمية أنها من الناحية العلمية وسيلة تمتاز بالدقة، لتسهيل مهمة الطب الشرعي ويمكن أخذها من أي خلية (بشرية) من الدم، أو اللعاب، أو المني، أو البول، أو غيره وبعد الاطلاع على ما اشتمل عليه تقرير اللجنة التي كلفها المجمع في الدورة الخامسة عشرة بإعداده من خلال إجراء دراسة ميدانية مستفيضة للبصمة الوراثية، والاطلاع على البحوث التي قدمت في


(١) «الطُّرُق الحُكمِيَّة» لابن القَيِّم (١/ ٣٣٣).

<<  <   >  >>