للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسانية أو الآدمية أو نفخ الروح أو حلولها يكون عند الإخصاب مخالفٌ للإجماع كما أنه مخالفٌ للنظر، فإن هذه الخلايا المتراكبة ليست إنسانًا، ولا يمكن التسوية بينها وبين الإنسان.

والأطباء يقرون أن موت الكثير من خلايا الإنسان وهو حي ليس موتًا له، وأن حياة الكثير منها بعد موت دماغه ليست حياةً إنسانية، وإنما حياة خلوية أو نسيجية. وإنه لا شك أن الإنسان كائن له خصائص كالعلم والإرادة، فإذا غاب الحد الأدنى من هذه الخصائص، وكان الكائن عبارة عن مجموعة خلايا متراكبة كالعنقود، فلا يسوغ أن يسمى هذا الكائن إنسانًا أو نقول ببداية حياته الإنسانية. نعم له حياة، ولكنها ليست إنسانية. ونحن لسنا بحاجة إلى تقسيم الحياة إلى إنسانية ونباتية وحيوانية، فإن حياة الخلايا غير ذلك وحياة الملائكة غير ذلك، بل وحياة الرب جل في علاه غير ذلك. فنحن نقول إنها حياة جنينية ما قبل نفخ الروح.

ولقد ذهب البعض إلى أن الحياة الإنسانية تبدأ بالعلوق أو الاندغام في جدار الرحم، والجواب على هذا القول كسابقه.

وينبغي هنا من التنبيه على أن عدم نفخ الروح وكون الحياة إنسانية ليس يعني أن الكائن محَل النزاع ليس له أية حرمة، فمن قال إن الحرمة مرتبطة فقط بالحياة الإنسانية، بل لحياة الحيوان حرمة، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما قُتِلَ عُصْفُورٌ قَطُّ عَبَثًا إِلَّا عَجَّ إلى اللهِ عز وجل يوم الْقِيَامَةِ يا رَبِّ فُلَانٌ قَتَلَنِي فَلَا هو انْتَفَعَ بِي وَلا هو تَرَكَنِي أَعِيشُ في خُشَارَاتِهَا (١)» (٢).


(١) الخُشارة الرديء من كل شيء. «لِسَان العَرَب» لابن مَنْظُور (٤/ ٢٣٩).
(٢) «شَرْح مُشْكِل الآثَار» للطَّحَاوِيّ (٢/ ٣٣٠).

<<  <   >  >>