للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَبِّ أَجَلُهُ؟ فيقول رَبُّكَ ما شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يقول: يا رَبِّ رِزْقُهُ؟ فيقضي رَبُّكَ ما شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ؛ ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ في يَدِهِ فلا يَزِيدُ على ما أُمِرَ ولا يَنْقُصُ» (١).

٢ - وفي رواية أخرى عن حذيفة -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ النُّطْفَةَ تَقَعُ في الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ يَتَصَوَّرُ عليها الْمَلَكُ - قال زُهَيْرٌ حَسِبْتُهُ قال الذي يَخْلُقُهَا - فيقول: يا رَبِّ أَذَكَرٌ أو أُنْثَى؟ فَيَجْعَلُهُ الله ذَكَرًا أو أُنْثَى ثُمَّ يقول: يا رَبِّ أسوي أو غَيْرُ سويٍّ؟ فَيَجْعَلُهُ الله سَوِيًّا أو غَيْرَ سَويٍّ ثُمَّ يقول: يا رَبِّ ما رِزْقُهُ؟ ما أَجَلُهُ؟ ما خُلُقُهُ؟ ثُمَّ يَجْعَلُهُ الله شَقِيًّا أو سَعِيدًا» (٢).

وقد يجاب على ذلك بأن الحديث ليس فيه إشارة إلى نفخ الروح، ويمكن أن تكون للملك زَورتان، زَورة هنا وأخرى بعد المائة والعشرين وهي التي تنفخ فيها الروح. وبذلك يجمع بين الحديثين حيث الإعمال أولى من الإهمال، ولا يصار إلى رد أي خبر من أجل آخر إلا بعد تعذر الجمع. وبهذا الجمع فسر ابن القَيِّم -رحمه الله- التعارض بين ظاهري الحديثين فقال بشأن ذكر وقوع التقدير هنا وفي حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: «غاية ما فيه أن التقدير وقع بعد الأربعين الأولى وحديث ابن مسعود يدل على أنه وقع بعد الأربعين الثالثة وكلاهما حق قاله الصادق -صلى الله عليه وسلم-، وهذا تقدير بعد تقدير، فالأول تقدير عند انتقال النطفة إلى أول أطوار التخليق التي هي أول مراتب الإنسان، وأما قبل ذلك فلم يتعلق بها التخليق. والتقدير الثاني عند كمال خلقه ونفخ الروح. فذلك تقدير عند أول خلقه وتصويره وهذا تقدير عند تمام خلقه وتصويره» (٣).

وأجاب عن التعارض بين الحديثين من حيث التخليق والتصوير فقال:


(١) «صَحِيح مُسْلِم» كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه (٤/ ٢٠٣٧).
(٢) «صَحِيح مُسْلِم» كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه (٤/ ٢٠٣٨).
(٣) «التِّبيَان في أقسَام القُرآن» لابن القَيِّم (١/ ٢١٧ - ٢١٨).

<<  <   >  >>