١ - لما كان الفقه والطب معنيين بصلاح ذلك الكائن البشري، حصل بينهما من التداخل ما يعرفه المشتغلون بأيهما، فإن موضوع علم الطب هو بدن الإنسان، وهذا البدن محل للتكاليف الشرعية، وأحكام الأخيرة هي موضوع علم الفقه.
٢ - أهل السنة لا يهملون ما ثبت ببديهة العقل وأوائل الحس بل إنهم يؤولون ظواهر النصوص التي تخالف ذلك، بل ويأخذون بدليل الحس في الحكم على صحة الأخبار.
٣ - الفتوى - دون الحكم الشرعي - تتغير لا لمجرد تغير الزمان والمكان، ولكن باعتبارهما أوعية لما يكون فيهما من الحوادث والعادات والأحوال المختلفة. والفتوى عند اختلاف ذلك تتغير بضوابط فصلت في البحث. ولا يقدر على هذا المعترك الصعب إلا الراسخون من أهل العلم.
٤ - تطور العلوم الطبية أثبت بعض الخطأ في تقديرات بعض فقهائنا - رحمهم الله تعالى - فلقد بذلوا وسعهم في تحقيق مناط الأحكام الشرعية وتنزيلها على واقع الناس ومعالجة قضاياهم في ضوء الكتاب والسنة - فجزاهم الله عن أمة الإسلام خير الجزاء - إلا أن الكتاب والسنة معصومان، وتقديرات الفقهاء - وهم بشر - غير معصومة، فلا عيب إذًا أن يخطئوا تبعًا لخطأ أطباء عصرهم، لأنهم سألوا «أهل الذكر» في الطب بأزمنتهم كما كان ينبغي عليهم؛ ولكن يكون عيبًا أن يُثبَت الخطأ ونَسْتكبر عن تصحيحه.
٥ - بالإضافة إلى إظهار المعارف الطبية الحديثة خطأ أحد الأقوال وصواب الآخر، فإن تطورها قد يؤدي إلى تغير الفتوى في أبواب الوسائل، فقد عمل الأولون بالقيافة في إثبات النسب، والآن البصمة الوراثية أدق منها بلا نزاع. وكذلك فإن بعض ما كان متعذرًا في الأزمنة السابقة سار ميسورًا، ومن ذلك استيفاء القِصاص عن طريق