يعتبر تاريخ الانطاكي المعروف ب «صلة تاريخ أوتيخا»، من أهم المصادر التاريخية الأساسية في التراث العربي التي تؤرّخ لحقبة هامّة من تاريخ الإنسانية، في العالم الإسلامي بجناحيه المشرقي والمغربي على حدّ سواء، وفي تاريخ الإمبراطورية البيزنطية وعلاقاتها بالعالم الإسلامي من جهة، وببلاد البلغر والروس والكرج والأرمن، من جهة أخرى. ويتناول التاريخ مفصّلا في القرنين الرابع والخامس الهجريّين-العاشر والحادي عشر الميلاديّين، وبالتحديد بدءا من سنة ٣٢٦ هـ. / ٩٣٨ م. وانتهاء بسنة ٤٢٥ هـ. /١٠٣٥ م.
ولا أغالي إذا قلت إنّ هذا الكتاب هو مصدر أساسيّ لا غنى للباحثين عنه، خاصّة لمن أراد التأريخ للدولة الفاطمية في مصر والشام، ولمن أراد دراسة دولة بني حمدان وعلاقاتها بالروم، ولمن أراد أن يدرس أيام سيف الدولة وصراعه مع البيزنطيين، ولمن أراد أن يؤرّخ للحاكم بأمر الله بشكل خاصّ، ولمن أراد أن يدرس علاقات المسلمين والنصارى واليهود ببعضهم في القرنين الرابع والخامس الهجريين-العاشر والحادي عشر الميلاديّين، وقبيل ظهور الإرهاصات التي مهّدت لقيام الحركة الصليبية وقدوم الحملات الأوربية إلى المشرق العربي الإسلامي.
أهمّيّة الكتاب
وتأتي أهمّيّة هذا الكتاب كمصدر أساسيّ، كون مؤلّفه «يحيى بن سعيد الأنطاكي» المتوفى سنة ٤٥٨ هـ. /١٠٦٧ م. كان معاصرا للحقبة التي أرّخ لها