للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحصن، وأحضرهما وأراهما إيّاه، وصرفهما بجواب ما ورد معهما، وألقى النّار في ذلك المزلقان الذي عمله مقابل الحصن، فاحترق خشبه وتكلّست حجارته، وعمّر بذلك الكلس ما تخرّب وسقط من الحصن، وجدّد جميعه وحصّنه، وتوثّق منه وأعدّ فيه من الرجال والعدد والغلاّت ما يكتفي (١) به.

وعاد إلى أنطاكية وحمل جميع الأسارى إلى الملك. واستشعر البربريّ أنّ القطبان بعد ملكه حصن بنكسرائيل على رغمه واستظهاره على سراياه، سيعود يغزو إلى بلادهم، وينازل بعض حصونهم، فأظهر الاستعداد للغزو إلى بلد الروم،

[[إعلان النفير للجهاد في الشام ومصر وديار بكر وربيعة]]

ونودي في الناس بمصر، وفي سائر بلاد الشام بالنفير إلى الغزو بسجلاّت من الظاهر قرئت في جميع بلاده، وكوتب جميع من في ديار مضر وديار بكر وديار ربيعة بالحضّ على الجهاد، امتعاضا لما جرى من أخذ الروم الرّها وسبيهم رفنيّة، وما أتوه على غيرها، لتتّفق الكلمة على قصدهم، فجمع القطبان العساكر بأنطاكية انتظارا لما يكون من البربريّ، فيكون عمله بحسبه،

[[تبادل الرسائل بين القطبان وأنوشتكين بشأن الهدنة]]

ثم كاتبه القطبان يعلمه بما تناصرت إليه الأخبار عنه، من عزيمته على الغزو إلى بلد الروم، وأنه مستعدّ للقائه إن رأى ذلك، وإن رغب في إتمام ما تقدّم تقريره من المهادنة يتقدّم في تسيير (٢) الرسولين الواردين من الظّاهر إلى الملك لينفذ هو أيضا الرسولين الحاصلين عنده، وأن يذكر له من الجواب ما يكون العمل بحسبه. فعاد جوابه يذكر أنه لم يقع الاهتمام منهم بالغزو والحضّ عليه إلاّ انتظارا لما يكون منه، بعد أخذه حصن بنكسرائيل من معاودة الغزو إلى شيء من الأعمال، فتكون المقابلة عليه وأنه إذا كان ثابتا على ما جرت الموافقة عليه فإنه يسيّر الرسولين الواصلين من قبل الظاهر إلى ما قبله في أثر مكاتبته ويستحثّه في إنفاذ الرسولين الواردين من الملك فسار جميعهم والتقى الفريقان في الموضع الذي تقدّم ذكره. وسار كلّ واحد منهما إلى مقصده.


(١) سبق أن ذكر المؤلّف هذا الخبر قبل قليل.
(٢) في طبعة المشرق ٢٦٩ «تسير».

<<  <   >  >>