للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[الحاكم يواصل الركوب ليلا ونهارا]]

وواصل الحاكم الركوب ليلا ونهارا من غير فتور ولا سكون، واقتصر على نفر يسير من خاصّته يركبون معه.

[[إسفاف الحاكم وعمل الفسق بحضرته]]

وعنّ له رأي من السّخف (١) ينافي (٢) ما تظاهر به من الزّهد وهو أن يقصد أحد أسواق مصر في الليل، ويتقدّم إليه شيخ خليع يعرف بالرجاع من السفساف، فيقول له الحاكم: أرني قمرك، فيكشف عن فقحته، ويرسم الحاكم لبعض/١٢٧ ب/ركابيّته من السودان أن يبرز إحليله ويأتيه بمشهد منه ومن الجمع الحاضر، ويتفوّت (٣) إليه ذاك المجرى من الألم الذي يزعم أنه يناله ويقسم عليه أن يأمر الأسود العالي عليه بالرفق وترك العسف له، فيضحك الحاكم من ضجيجه ويطرب له. ولبث على هذا الحال مديدة (٤). ثم (هجره و) (٥) اعتلّ وضعف عن الركوب، فاتّخذ له محفّة (٦) يجلس فيها ويستلقي عليها، ويحملها أربعة من الركابيّة الذين اصطنعهم ويدور الليل والنهار، فلمّا تماثل من مرضه وتراجعت قوّته عاد إلى ركوب الحمار على رسمه، والاختلاط بالعوامّ، وجميع من له إليه حاجة (يلقاه (٧) ويسأله ما يريده، ويستميحه من أراد استماحته،

[الحاكم يقضي لأصحاب الحاجات في مواعيد محدّدة]

ومن رأى أن يقضي حاجته رسم له اليوم الذي يعاود فيه لقاءه والموضع الذي بنتظره فيه، ويحمل في كمّه لكلّ واحد من أصحاب الحوائج ما التمسه من صلة أو سجل أو توقيع يقضي حاجته، ويدفعه إليه من يده في اليوم والموضع الذي حدّه له (٨).


(١) في البريطانية وبترو «السخيف».
(٢) في الأصل وطبعة المشرق ٢١٧ «ينافر»، والتصحيح من البريطانية وبترو.
(٣) في البريطانية وبترو «ويتغوث».
(٤) ينفرد المؤلّف بهذا الخبر. وانظر نحوه في: بدائع الزهور-ج ١ ق ١/ ٢٠١.
(٥) ما بين القوسين ليس في (س).
(٦) في بترو «مخفه».
(٧) من قوله: «يلقاه» حتى قوله «خاصته» ليس في البريطانية.
(٨) كذا، والصحيح «حدّده». وانظر عن ركوب الحاكم على الحمار ونظره في حاجات الناس، في (اتعاظ الحنفا ٢/ ١٠٧ و ١٠٨ و ١٠٩ و ١١٠).

<<  <   >  >>