للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتمليكه بلاده. وقد كان رافع بن أبي الليل استوحش من المغاربة أيضا لأنهم كانوا قبضوا على أكثر ما سوّغوه إياه من الإقطاع ونافروه. فظاهر حسّان بن الجرّاح، واتّفق معه على معاداتهم، ووقع بينهما وبين البربريّ (١) صاحب جيوش المغاربة وقعة عظيمة في ناحية بصرى (٢) بعد عودة الملك بمدّة شهرين،

[تحالف حسّان بن الجرّاح وابن أبي الليل ضدّ المغاربة]

واستظهر العرب عليهم وعاد المغاربة عليهم، فاندفع حسّان والعرب إلى مساكنهم في البريّة، واحتوى المغاربة على ما كان لحسّان من الإقطاع والأعمال، وأقطعوها لعرب آخرين تقوّوا بهم على حربه. ولما عاد الملك من الغزاة كتب في الحال كتابا إلى حسان بن الجرّاح يذكر فيه السبب في سرعة عودته، وأنه لقوّة الحرّ وعوز الماء، وأنه على المعاودة، ويبعثه على التمسّك بما بذله من الموالاة والعبوديّة، وأنفذه مع رسول قاصد، فتأخّر وصوله إليه مدّة طويلة لصعوبة الطريق وخطره، وألفاه في طرق السّماوة (٣) من ناحية تدمر، وهو موغر الصدر شديد الحنق على البربريّ لطرده إياه عن دياره وضيق الأمر به، فحسّن له الرسول الوارد إليه القرب من بلد الروم، وكان هو متوقّعا وصول كتاب الملك ورسوله إليه كموقع الماء البارد من الظّاميء العطشان،

[المغاربة ينتصرون على ابن الجرّاح والعرب في وقعة بصرى]

فسار في جميع أهله وعشيرته بجميع حللهم ومواشيهم وبيوتهم، وسار معه رافع ابن أبي الليل أيضا، ووردا إلى بلاد حلب في زهاء نيّف وعشرين ألف إنسان، واستشعر الحلبيّون أنّ الملك استدعى آل جرّاح تعمّدا لتدبير بلادهم، وليجعلهم حربا لهم، ويشدّ منهم ويطردوا بني كلاب،

[ابن الجرّاح يدخل بلاد الروم بدعوة من الملك رومانوس]

ودخل آل جرّاح وآل رافع إلى بلاد الروم من عمل أنطاكية، ووصّل الملك لحسّان بن الجرّاح دفعات بصلات جارية، واستدعى علاّقا (٤) ابنه إليه، فدخل في


(١) كذا، وهو الدزبري.
(٢) بصرى: بالضم والقصر بالشام من أعمال دمشق، وهي قصبة حوران. (معجم البلدان ١/ ٤٤١).
(٣) السّماوة: بفتح أوله، وهي بين الكوفة والشام. (معجم البلدان ٣/ ٢٤٥).
(٤) في طبعة المشرق ٢٦٢ «علافا»، والتصحيح عن الدولة البيزنطية ٦٨٤.

<<  <   >  >>