للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والورع، ورفض اللذّات الجسدانية، واقتصر على مطعمه ومشربه على ما تدعو إليه الحاجة لتماسك (١) الجسم دون الزيادة منه والمغالاة فيه وفي كسوته [على] (٢) الصوف وركوبه الحمير بمراكب حديدية خسيسة، واختلط بالعامّة واجتذب الناس إليه بالعدل وإسقاط المكوس والرسوم الجائرة والهبات والعطايا الجزيلة، وانخدع كثيرون له وانحرفوا إلى متابعته، وتنافسوا في موالاته، ونسبوا كلّ قبيحة يأتيها (٣) في عرض ذلك من القتل والسخف وغيرهما من الأعمال الذميمة إلى أجمل وجوهها، وتأوّلوا فيها ضروبا من جنس التأويل، واحتجّوا بأنّ [في] (٤) جميع ما فعله (٥) أسرار (٦) خفيّة، وأعراض (٧) غامضة لم يجعل للبشر الوقوف عليها ولا الوصول إلى معرفة أسبابها (٨).

[الدرزيّ يدعوي الناس إلى مذهبه]

ولمّا ظهر الدّرزيّ (٩) ودعا الناس إلى مذهبه (استجاب (١٠) كثير من الرّعاع إليه) (١١) وأوهم الحاكم أن كثيرا من أهل المسكونة يعتقدون فيه كاعتقاده، وما قد دعا الناس إليه وأصغى إلى قوله وغلب هواه فيه على عقله، وأمره أن يحسن الناس (١٢) بالرقاع ويدعوهم بها إلى مذهبه، فكتب رقعة إلى


(١) في البريطانية «لتمسك».
(٢) زيادة من البريطانية.
(٣) في البريطانية «بانيها».
(٤) زيادة من (س).
(٥) في البريطانية «يفعله».
(٦) في (س) زيادة: «مما هو قبيح في عقولنا مستكره عندنا».
(٧) في الأصل وطبعة المشرق ٢٢٢: «اغراض» والتصحيح من (ب).
(٨) أنظر حول ذلك الفصل الممتع الذي كتبه الدكتور عبد الرحمن بدوي بعنوان «الحاكم بأمر الله والدعوة الجديدة» في كتابه «مذاهب الإسلاميين» ج ٢/ ٥٥٧ وما بعدها.
(٩) هو: محمد بن إسماعيل الدرزي، كما سبق عند المؤلّف، ويعرف ب‍ «أنوشتكين البخاري»، ويقال له: نشتكين أو أونشتكين كما عند النويري في نهاية الأرب.
(١٠) في بترو «استحب».
(١١) ما بين القوسين ليس في البريطانية، وفيها: «وانسحب إليه».
(١٢) في البريطانية: «أمران يحثّ الناس»، وفي بترو كذلك.

<<  <   >  >>