للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقع الهيبة بقلوبهم بحضوره، فكان الأمر بالضدّ من ذلك، وجعل العيّارون (١) وأهل العيث الفتنة معيشة لهم، ولم يكن أحد يملك نفسا (٢) ولا شيئا من ماله معهم.

[[السلطان يطرح النار ببغداد للقضاء على الفتنة]]

ولمّا تزايدت الحال في الفتن ببغداد وتفاقمت (٣)، دعت الضّرورة إلى أن طرح السلطان النّار في الجانب الغربي من البلد [يوم السبت لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة ٣٦٢] (٤) وأحرق باب البصرة وما يليه من حدّ بركة زلزل إلى السمّاكين، ومنع الناس من إطفائها، وأخذت يمينا وشمالا، واحترق عالم من الرجال والنساء والصبيان والبهائم، وكان أمرا فظيعا (٥)، ولم ير مثله ولا سمع به. وانتقل الناس من الجانب الغربي من المدينة إلى الجانب الشرقي منها، لأنّه كان ساكنا والغربيّ مفتتنا. ثمّ أخذ السلطان ثمانية عشر رجلا من العيّارين وأهل الفتنة، وقتل أربعة نفر (٦) منهم، وأعطى من بقي منهم الأمان ووعدهم بالرزق، وكفّ البلاء قليلا، وسكنت الفتنة.

[عزّ الدولة يقع في ضائقة المال ويصادر أهل الذّمّة]

ولحق عزّ الدولة إضاقة بالمال (٧)، وطالبته الأولياء والجند بأرزاقهم، فسأل المطيع لله إسعافه، وكان أيضا مضيّقا، وتقرّر الحال بينهما على أن يحمل إليه أربعمائة وعشرين ألف (٨) درهم، فباع شيئا من كسوته وآلات من دار خلافته، حتى قام له بذلك. وتراقى الأمر بعزّ الدولة إلى أن صادر أهل الذّمّة وأهل الملّة من العدول والتجّار والمتصرفين (٩).


(١) العيّار: لغة: الكثير التجوّل والطواف، الذي يتردّد بلا عمل، يختلي نفسه وهواها. والمعار بالكسر الفرس الذي يحيد عن الطريق براكبه، والعيار: الكثير الذهاب والمجيء، وهو الذكي كثير التطواف. يقال: عار الفرس يعير: ذهب كأنه منفلت، يهيم على وجهه لا يثنيه شيء، فهو عائر أي متردّد جوّال.
(٢) في النسختين بترو والبريطانية «نفسه».
(٣) في الأصل وطبعة المشرق «تقاومت»، وما أثبتناه عن النسخة البريطانية.
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة من نسختي بترو والبريطانية.
(٥) في نسخة بترو «فضيعا»،
(٦) في النسخة البريطانية «أنفار».
(٧) في نسخة بترو «في المال».
(٨) في تجارب الأمم ٢/ ٣٠٨ «أربعمائة ألف درهم» فقط، وكذلك في تكملة تاريخ الطبري ٢١١.
(٩) أنظر تجارب الأمم ٢/ ٣٠٣ - ٣٠٨، وتكملة تاريخ الطبري ٢١٠،٢١١، والكامل في-

<<  <   >  >>